بما عاهدتكم عليه من حسن الثواب على حسناتكم وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ فلا تنقضوا عهدى.

وهو من قولك: زيدا رهبته. وهو أوكد في إفادة الاختصاص من (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) . وقرئ (أوفّ) بالتشديد: أى أبالغ في الوفاء بعهدكم، كقوله: (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) .

ويجوز أن يريد بقوله: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) ما عاهدوا عليه ووعدوه من الإيمان بنبىّ الرحمة والكتاب المعجز. ويدل عليه قوله: وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ أوّل من كفر به، أو أول فريق أو فوج كافر به، أو: ولا يكن كل واحد منكم أوّل كافر به، كقولك: كسانا حلة، أى كل واحد منا. وهذا تعريض بأنه كان يجب أن يكونوا أوّل من يؤمن به لمعرفتهم به وبصفته. ولأنهم كانوا المبشرين بزمان من أوحى إليه والمستفتحين على الذين كفروا به، وكانوا يعدون اتباعه أول الناس كلهم، فلما بعث كان أمرهم على العكس كقوله: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) إلى قوله: (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) ، (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) . ويجوز أن يراد: ولا تكونوا مثل أول كافر به، يعنى من أشرك به من أهل مكة. أى: ولا تكونوا وأنتم تعرفونه مذكورا في التوراة موصوفا، مثل من لم يعرفه وهو مشرك لا كتاب له. وقيل: الضمير في «به» لما معكم، لأنهم إذا كفروا بما يصدّقه فقد كفروا به. والاشتراء استعارة للاستبدال كقوله تعالى: (اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) وقوله:

كَمَا اشْتَرَى المُسْلِمُ إذْ تَنَصَّرَا (?)

وقوله:

فإنِّى شَرَيْتُ الحِلْمَ بَعْدَك بالجَهْلِ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015