وَظَنُّوا وعلموا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ سخط اللَّهِ إِلَّا إلى استغفاره ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ثم رجع عليهم بالقبول والرحمة كرّة بعد أخرى، ليستقيموا على توبتهم ويثبتوا، وليتوبوا أيضاً فيما يستقبل إن فرطت منهم خطيئة، علماً منهم أن الله تواب على من تاب ولو عاد في اليوم مائة مرة. روى أن ناساً من المؤمنين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. منهم من بدا له وكره مكانه فلحق به. عن الحسن: بلغني أنه كان لأحدهم حائط كان خيراً من مائة ألف درهم فقال: يا حائطاه، ما خلفنى إلا ظلك وانتظار ثمرك، اذهب فأنت في سبيل الله. ولم يكن لآخر إلا أهله فقال: يا أهلاه ما بطأنى ولا خلفنى إلا الضنّ بك لا جرم، والله لأكابدنّ المفاوز حتى ألحق برسول الله، فركب ولحق به. ولم يكن لآخر إلا نفسه لا أهل ولا مال، فقال يا نفس ما خلفنى إلا حب الحياة لك والله لأكابدنّ الشدائد حتى ألحق برسول الله، فتأبط زاده ولحق به. قال الحسن: كذلك والله المؤمن يتوب من ذنوبه ولا يصر عليها. وعن أبى ذرّ الغفاري: أن بعيره أبطأ به فحمل متاعه على ظهره واتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشياً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى سواده: كن أبا ذرّ، فقال الناس: هو ذاك، فقال: «رحم الله أبا ذرّ، يمشى وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده» (?) وعن أبى خيثمة (?) أنه بلغ بستانه وكانت له امرأة حسناء، فرشت له في الظل، وبسطت له الحصير، وقربت إليه الرطب والماء البارد، فنظر فقال:

ظل ظليل، ورطب يانع، وماء بارد، وامرأة حسناء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الضحّ والريح (?) : ما هذا بخير، فقام فرحل ناقته وأخذ سيفه ورمحه ومرّ كالريح، فمدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه إلى الطريق، فإذا براكب يزهاه السراب فقال: كن أبا خثيمة فكأنه. ففرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفر له. ومنهم من بقي لم يلحق به، منهم الثلاثة قال كعب:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015