وقيل: إن الله تعالى عَلِم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم (?) يشكّ، ولكنه أراد أن يأخذ الرسول بقوله؛ (لا شكَّ ولا امتراء) (?) بل إقامةً للحجة على الشَّاكِّين من قومه، كما يقول لعيسى عليه السلام: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} (?) وهو يعلم أنَّه لم يقله؛ ليأخذه بقوله {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} (?) إقامة للحجة على النصارى. وقال الفراء: علم الله سبحانه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير شاك فقال له: فإن كنت في شكِّ؛ وهذا كما تقول لغلامك الَّذي لا يشك في مُلكِكَ إياه: إن كنت عبدي فأطعني (?)، وكما تقول لابنك: إن كنت ابني فبرني (?).
وقال عبد العزيز بن يحيى الكتاني: الشاكّ في الشيء يضيق به الصدر، فيقال لِضَيِّقِ الصَّدْر شاكّ، يقول يعني الله سبحانه: إن ضقت ذرعًا بما تُعاين من تعنتهم وبغيهم وأذاهم؛ فاصبر واسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك فيخبرونك كيف صبر الأنبياء على أذى قومهم، وكيف كان عاقبة أمرهم من النصر والتمكين (?).