وقال قتادة: قال رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا نبي الله؛ إن من آبائنا من كان يُحْسِن الجوار، ويصل الأرحام، ويفكّ المعاني، ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ فقال: "بلى وأنا والله لأستغفرن لأبي، كما استغفر إبراهيم لأبيه"، فأنزل الله تعالى {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} (?)، أي: ما ينبغي للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين.
وقال أهل المعاني: (ما كان) في القرآن على وجهين: أحدهما: بمعنى النفي كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُواْ شَجَرَهَا} (?) و {وَمَا كَانَ لِنَفسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ (?) و {وَمَا كَانَ لِنَفسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذنِ اللَّهِ} (?).
والآخر: بمعنى النهي؛ كقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤذُواْ رَسُولَ اللَّهِ} (?)، وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} (?).