وكان مسيرهم شهرًا، ومقامهم شهرًا. فلما رأى معاوية بن بكر طول مقامهم، وقد بعثهم قومهم يتغوّثون من البلاء الذي أصابهم شق ذلك عليه، وقال: هلك أخوالي وأصهاري! وهؤلاء مقيمون عندي، وهم ضيفي! والله ما أدري كيف أصنع بهم؟ أستحي أن آمرهم بالخروج إلى ما بعثوا إليه، فيظنون أنّه ضِيق منّي بمقامهم عندي، وقد هلك مَنْ وراءهم مِنْ قومهم جهدًا وعطشًا! فشكا ذلك من أمرهم إلى قينتيه الجرادتين، فقالتا: قل شعرًا نغنيهم به، لا يدرون من قاله، لعلّ ذلك أن يحرّكهم! فقال معاوية بن بكر:
أَلا يَا قَيْل ويْحَكَ! قُمْ فَهَيْنِمْ (?) ... لَعَلَّ اللهَ يُصْبِحُنَا (?) غَمَامَا
فَيَسْقِي أَرْضَ عَادٍ إنَّ عَادًا ... قَدَ امْسَوا ما يبيتون الكَلامَا (?)
مِنَ العَطَشِ الشَّدِيدِ فَلَيْسَ نَرْجُو ... بِهِ الشَّيْخَ الكَبِيرَ وَلا الغُلامَا