فإن قالوا: إن الله -عز وجل- لما قال: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ}، دل على كفره؛ لأن الله تعالى لا يغضب إلا على من كان كافراً، أو خارجاً من الإيمان, قلنا: إن هذه الآية لا توجب عليه الغضب، لأن معناها: فجزاؤه جهنم، وجزاؤه أن يغضب (?) عليه، ويلعنه، وما ذكره الله (من شيء) (?) وجعله جزاء لشيء، فليس يكون ذلك واجباً، كقوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (?)، وكم من محارب لله ورسوله لم يحل به شيء من هذه المعاني إلى أن فارق الدنيا، وقال سبحانه: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (?) ولم يقل: أجزي بكل سيئة سيئة مثلها, ولو كان المعنيان في ذلك سواء، لم يكن إذاً لقوله: {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (?) معنى، فكذلك هاهنا، ولو كان كذلك على معنى الوجوب، كان كقوله تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ} (?)، ووجدنا في لغة العرب أنه (?) إذا قال القائل: جزاؤه كذا، ثم لم يجازه لم يكن كاذباً، وإذا قال: أجزيه (?)، ولم يفعل كان كاذباً، فعلم أن بينهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015