والطبع، فغيّره إلى سبيل المعرفة والشرع، قال جنيد: وجدك متحيرا في بيان الكتاب المنزل عليك فهداك لبيانه، لقوله وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ «1» وقوله لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ «2» .
قال بندار بن الحسين: ليس قائما مقام الاستدلال فتعرفت إليك، وأغنيتك بالمعرفة عن الشواهد والأدلة، وقيل: وجدك طالبا لقبلتك ضالا عنها فهداك إليها.
وَوَجَدَكَ عائِلًا فقيرا عديما فأغناك بمال خديجة، ثم بالغنائم، وقال مقاتل: فرضاك بما أعطاك من الرزق، وقرأ ابن السميقع: وجدك عيّلا بتشديد الياء من غير ألف على وزن فيعل، كقولك: طاب يطيب فهو طيّب. وعن ابن عطاء: وجدك فقير النفس، وقيل: فقيرا إليه فأغناك به، وقيل: غنيا بالمعرفة فقيرا عن أحكامها، فأغناك بأحكام المعرفة حتى تم لك الغنى.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حبيش، عن بعضهم أنه قال: وَجَدَكَ عائِلًا تعول الخلق بالعلم فأغناك بالقرآن والعلم والحكمة، وقال الأخفش: وجدك ذا عيال. دليله
قوله صلى الله عليه وسلم:
وابدأ بمن تعول.
عن ابن عطاء: لم يكن معك كتاب ولا شريعة فأغناك بهما، وقيل: وَجَدَكَ عائِلًا عن الصحابة محتاجا إليهم، فأكثرنا لك الاخوان والأعوان، وحذف الكاف من قوله فَآوى وأختيها لمشاكلة رؤوس الآي، ولأن المعنى معروف.
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ واذكر يتمك، وقرأ النخعي والشعبي: فلا تكهر، بالكاف، وكذلك هو في مصحف عبد الله، والعرب تعاقب بين القاف والكاف، يدل عليه حديث معاوية بن الحكم الذي تكلّم في الصلاة قال: ما كهرني، ولا ضربني.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن مالك قال: حدّثنا ابن حنبل قال: حدّثني أبي قال:
حدّثنا إسحاق بن عيسى قال: حدّثنا مالك، عن ثور بن زيد الدبلي قال: سمعت أبا الغيث يحدّث، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كافل اليتيم- له أو لغيره- أنا وهو كهاتين في الجنّة إذا اتقى الله سبحانه» [168] «3» وأشار مالك بالسبابة والوسطى.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن [يوسف] «4» قال: حدّثنا الحسن بن علي بن نصر