قال: وأخبرت (?) عن محمّد بن جرير قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا عبد الأعلى قال: حدّثنا أبو ثور، عن معمر، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: أرسل إليّ عمر بن الخطاب فدخلت عليه، فقال: إنّه قد حضر أهل ثبات من قومك، وأنّا قد أمرنا لهم برضخ فاقسمه بينهم.
فقلت: يا أمير المؤمنين، مر بذلك غيري. قال: اقبضه أيّها المرء.
فبينا أنا كذلك إذ جاء مولاه يرفأ فقال: عبد الرحمن بن عوف والزبير وعثمان وسعد يستأذنون. فقال: ايذن لهم. ثم مكث ساعة، ثم جاء فقال: هذا علي والعباس يستأذنان.
فقال: ايذن لهما. فلمّا دخل العباس قال: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا الغادر الفاجر الخائن!!! (?) . وهما حينئذ يختصمان في ما أَفاءَ اللَّهُ عزّ وجل عَلى رَسُولِهِ من أموال بني النضير. فقال القوم: اقض بينهما يا أمير المؤمنين وأرح كلّ واحد منهما من صاحبه، فقد طالت خصومتهما. فقال: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض، أتعلمون أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا نورّث، ما تركناه صدقه» [250] (?) .
قالوا: قد قال ذلك. ثم قال لهما: أتعلمان أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال ذلك؟ قالا: نعم.
قال: فسأخبركم بهذا الفيء، إنّ الله سبحانه خصّ نبيّه (عليه السلام) بشيء لم يعط غيره فقال:
عزّ من قائل: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ فكانت هذه لرسول الله (عليه السلام) خاصّة، فو الله ما اختارها دونكم ولا استأثرها دونكم، ولقد قسّمها عليكم حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينفق على أهله منها سنتهم ثم يجعل ما بقي في مال الله، عزّ وجل.
ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى يعني من أموال الكفار أهل القرى.
قال ابن عباس: هي قريظة والنضير وهما بالمدينة، وفدك وهي من المدينة على ثلاثة أميال، وخيبر، وقرى عرينة، وينبع جعلها الله تعالى لرسوله يحكم فيها ما أراد فاحتواها كلّها. فقال ناس: هلّا قسّمها؟ فأنزل الله سبحانه هذه الآية ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى.