وقوله سبحانه: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ: المعنى في هذه الآيةِ: وظَنَّ هؤلاءِ الكفرةُ باللَّه، والعصاةُ مِنْ بني إسرائيل ألاَّ يكونَ مِنَ اللَّه ابتلاءٌ لهُمْ وأخذ في الدنيا، فلَجُّوا في شهواتهم، وعَمُوا فيها، إذْ لم يُبْصِرُوا الحقّ، وهذا كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ» (?) .
وقوله سبحانه: ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، قالتْ جماعة من المفسِّرين: هذه التوبةُ هِيَ رَدُّهم إلى بَيْتِ المَقْدِس بعد الإخراج الأول، ورَدُّ مُلْكِهِمْ وحَالِهِم، ثم عَمُوا وصَمُّوا بعد ذلك حتى أُخْرِجُوا الخرجةَ الثانيةَ، ولم ينجبرُوا أبداً، ومعنى: تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي:
رجَعَ بهم إلى الطاعةِ والحقِّ، ومِنْ فصاحة القُرآن: / استناد هذا الفعْلِ الشريفِ إلى اللَّه تعالى، واستناد العمى وَالصَّمَمَ اللَّذَيْن هما عبارةٌ عن الضَّلال إليهم، ثم أخبر تعالى إخباراً مؤكَّداً بلام القَسَمِ عن كُفْر القائلين: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وهذا قولُ اليَعْقُوبِيَّةِ من النصارى، ثم أخبر تعالى عن قول المسيحِ لهم، فقال: وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ... الآية، فضَلُّوا هم، وكفروا بسَبَب ما رأَوْا على يديه من الآيات.