وقوله تعالى: لاَّ يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ... الآية: في قوله تعالى: لاَ يَسْتَوِي إبهامٌ على السَّامعِ/، وهو أبْلَغُ من تحديدِ المَنْزِلَةِ التي بَيْنَ المجاهد والقاعِدِ، فالمتأمِّل يَمْشِي مع فِكْرته، ولا يَزَالُ يتخيَّل الدرَجَاتِ بينهما، والقاعدُونَ عبارةٌ عن المتخلِّفين.

قلْتُ: وخرج أبو بكر بن الخطيب بسنده، عن عليِّ بْنِ أبي طالب (رضي اللَّه عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ أَعْلاَهَا الحُلَلُ، ومِنْ أَسْفَلِهَا خَيْلٌ بُلْقٌ مِنْ ذَهَبٍ مُسَرَّجَةٌ مُلْجَمَةٌ بالدُّرِّ واليَاقُوت، لاَ تَرُوثُ، وَلاَ تَبُولُ، ذَوَاتُ أَجْنِحَةٍ، فَيَجْلِسُ عَلَيْهَا أَوْلِيَاءُ اللَّهِ فتطِيرُ بِهِمْ حَيْثُ شَاءُوا، فَيَقُولُ الَّذِينَ أَسْفَلَ مِنْهُمْ: يأهْلَ الجَنَّة، ناصِفُونا، يا ربِّ، ما بَلَّغَ هؤلاءِ هذه الكرامَةَ؟! فَيَقُولُ اللَّه تعالى: إنهم كانُوا يَصُومُونَ، وكُنْتُمْ تُفْطِرُونَ، وَكَانُوا يقُومُونَ باللَّيْلِ وَكُنْتُمْ تَنَامُونَ، وَكَانُوا يُنْفِقُونَ، وَكُنْتُمْ تَبْخَلُونَ، وَكَانُوا يُجَاهِدُونَ العَدُوَّ وَكُنْتُمْ تَجْبُنُونَ» (?) . انتهى.

وقرأ ابن كثيرٍ وأبو عمرو (?) وحمزة: «غَيْرُ» - بالرفع- صفةً للقاعدين، وقرأ نافعٌ وغيره: «غَيْر» - بالنصب- استثناء من القاعدينَ، ورُوِيَ من غيرِ مَا طَرِيقٍ أنَّ الآية نزلَتْ:

«لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُجَاهِدُونَ» ، فجاء ابنُ أمِّ مكتومٍ، حين سمعها، فقال:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ مِنْ رُخْصَةٍ، فَإنِّي ضَرِيرُ البَصَرِ، فَنَزَلَتْ عِنْدَ ذلك غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ (?) ، ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015