«التذكرة» «1» ، وما وقَعَ من ذكْرِ الحَثْيَةِ والحَفْنَةِ لَيْسَ هو على ظاهره، فاللَّه سبحانه منزَّه عن صفَاتِ الأجْسَامِ.
وقوله تعالى: وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ أيْ: يترككم، والخذل الترك، والضميرُ في: مِنْ بَعْدِهِ يعودُ على اسمِ اللَّهِ، ويحتملُ على الخذل.
وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (161) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (163)
وقوله تعالى: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ، قرأ ابنُ كَثِيرٍ «2» ، وأبو عَمْرٍو، وعاصم: «أَنْ يَغُلَّ» بفتح الياء، وضم الغين، وقرأ باقي السبعة: «أَنْ يُغَلَّ» بضم الياء، وفتح الغين، واللفظةُ بمعنى الخِيَانة في خَفَاءِ، تقولُ العربُ: أَغَلَّ الرَّجُلُ يُغِلُّ إغْلاَلاً، إذا خان، واختلفَ عَلَى القراءة الأولى، فقال ابنُ عَبَّاسٍ وغيره: نزلَتْ بسبب قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ فُقِدَتْ من المغانمِ يَوْمَ بَدْرٍ، فقال بعضُ النَّاس: لعلَّ رسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم أَخَذَهَا «3» ، فقيلَ: كانت هذه المَقَالَةُ مِنْ مؤمِنٍ لم يَظُنَّ في ذلك حَرَجاً.
وقيل: كانَتْ من منافِقين، وقد رُوِيَ أن المفقود إنما كَانَ سَيْفاً، قال النَّقَّاش: ويقال:
إنما نزلَتْ لأن الرماة قالوا يوم أُحُدٍ: الغنيمةَ الغنيمةَ، فإنا نخشى أن يقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: مَنْ أَخَذ شيئاً، فهو له «4» ، وقال ابْنُ إسحاق: الآية إنما أنزلَتْ، إعلاماً بأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يكتم شيئاً مما أُمِرَ بتبليغه «5» .
وأمَّا على القراءة الثانيةِ، فمعناها عند الجمهور، أي: ليس لأحدٍ أنْ يغل النبيَّ، أيْ:
يخونه في الغنيمة لأنَّ المعاصِيَ تَعْظُمُ بحَضْرته لتعيين توقيره.