عبد الملكِ بْنُ محمَّدِ بْنِ أبي القَاسِم بْن الكَرْدَبُوسِ «1» في «الاكتفاء فِي أخبار الخُلَفَاء» ، قال: وتكلَّم علي بن أبي طالب- رضي اللَّه عنه- بتسْعِ كلماتٍ، ثلاثٌ في المناجاةِ، وثلاثٌ في الحكمة، وثلاثٌ في الآداب أمَّا المناجاة، فقال: كَفَانِي فَخْراً أَنْ تَكُونَ لِي رَبًّا، وكَفَانِي عِزًّا أَنْ أَكُونَ لَكَ عَبْداً، وَأَنْتَ كَمَا أُحِبُّ، فاجعلني كَمَا تُحِبُّ، وَأَمَّا الحكمة، فقال: قيمة كلّ امرئ مَا كَانَ يُحْسِنُهُ، وَمَا هَلَكَ امرؤ عَرَفَ قَدْرَ نَفْسِهِ، وَالمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ، وَأَمَّا الآدَابُ، فَقَالَ: استغن عَمَّنْ شِئْتَ، فَأَنْتَ نَظِيرُهُ، وَتَفَضَّلْ على مَنْ شِئْتَ، فَأَنْتَ أَمِيرُهُ، واضرع إلى مَنْ شِئْتَ، فَأَنْتَ أَسِيرُهُ. انتهى.

ولما كانتِ السيما تدلُّ على حال صاحبِها، ويعرف بها حاله، أقامَها اللَّه سبحانه مُقَامَ الإِخبار عن حَالِ صاحبِها، فقال: «تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ» ، وقد قال الشيخُ العارفُ باللَّهِ صاحبُ «الكَلِمِ الفارقيَّة والحِكَمِ الحقيقيَّة» : كلُّ ما دلَّ على معنًى، فقد أخبر عنه، ولو كان صامتاً، وأشار إليه، ولو كان ساكتاً، لكنَّ حصول الفهْمِ والمعرفةِ بحَسَب اعتبار المعتَبِرِ، ونَظَر المتأمِّل المتدبِّر. انتهى.

قال ع «2» : وفي الآية تنبيهٌ على سوء حالة من يسأل النَّاسَ إِلحافاً، وقال: ص: وقوله تعالى: لاَ يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً، إِذا نُفِيَ حُكْمٌ مِنْ محكومٍ عليه بقَيْدٍ، فالأكثر في لسانهم انصراف النفْيِ إلى ذلك القيدِ، فالمعنى على هذا: ثبوتُ سؤالهم، ونَفْي الإِلحاح، ويجوز أنْ ينفي الحُكْم، فينتفي ذلك القَيْد، فينتفي السؤالُ والإِلحاح، وله نظائر.

انتهى.

وقوله تعالى: وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ: وعدٌ محضٌ، أي: يعلمه، ويحصيه ليجازي عليه، ويثيب.

[سورة البقرة (?) : الآيات 274 الى 277]

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (274) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (277)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015