وقوله تعالى: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ: المعنى: قال هو: أَعلَمُ أنَّ اللَّه على كلِّ شيء قديرٌ، وهذا عنْدي لَيْسَ بإِقرار بما كان قَبْلُ يُنْكِرُهُ كما زعم الطبريُّ «1» ، بل هو قولٌ بَعَثَهُ الاعتبارُ كما يقول الإِنسان المؤمن، إِذا رأى شيئاً غريباً مِنْ قدرةِ اللَّهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، ونحْو هذا.

وأما قراءة حمزةَ والكسائي «2» : «قال اعلم» . موصولةَ الألفِ، ساكنةَ الميمِ، فتحتمل وجهيْن:

أحدهما: قال المَلَكُ له: اعلم، وقد قرأ ابن مسعود، والأعمشُ «3» : «قِيلَ اعلم» .

والوجه الثاني: أنْ يُنَزِّلَ نفسه منزلةَ المُخَاطَبِ الأجنبيِّ المُنْفَصِلِ، أي: قال لنفسه:

اعلم، وأمثلة هذا كثيرة.

[سورة البقرة (?) : آية 260]

وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)

قوله تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى ... الآية: قال جمهور العلماء: إِن إبراهيم- عليه السلام- لم يكُنْ شَاكًّا في إِحياء اللَّه الموتى قطُّ، وإنما طلب المعايَنَة، وأما قول النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ» «4» فمعناه: أنْ لو كانَ شَكَّ، لكنَّا نحْنُ أَحَقُّ به، ونحن لا نشكّ، فإبراهيم- عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015