مَّا، فلذلك حَسُنَتْ في هذا الموضِعِ بالنفْيِ، والسِّنَةُ: بدْء النُّعَاس، وليس يفقد معه كلّ الذِّهْن، والنَّوْمُ هو المستثْقَلُ الذي يزولُ معه الذهْن، والمراد بالآية: التنزيهُ أنه سبحانه لا تدركُه آفة، ولا يلحقه خَلل بحالٍ من الأحوال، فجعلت هذه مثالاً لذلك، وأقيمَ هذا المذكورُ من الآفاتِ مقام الجميعِ، وهذا هو مفهومُ الخطَابِ (?) كما قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ [الإسراء: 23] .
ت: وبيانه أنه إِذا حرم التأفيف، فأحرى ما فوقه من الشَّتْمِ، والضَّرْب في حقِّ الأبوَيْن، وروى أبو هريرة، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يَحْكِي عَنْ موسى عَلَى المِنْبَرِ، قَالَ: «وَقَعَ فِي نَفْسِ موسى: هَلْ يَنَامُ اللَّهُ- جَلَّ ثَنَاؤُهُ- فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكاً فَأرَّقَهُ ثَلاَثاً، ثُمَّ أعْطَاهُ قَارُورَتَيْنِ فِي كُلِّ يَدٍ قَارُورَةً، وأَمَرَهُ بِأَنْ يَحْتَفِظَ بِهِمَا، قَالَ: فَجَعَلَ يَنَامُ، وتَكَادُ يَدَاهُ تَلْتَقِيَانِ، ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ، فَيَحْبِسُ إِحْدَاهُمَا عَنِ الأخرى حتى نَامَ نَوْمَةً، فاصطفقت يَدَاهُ، فانكسرت القَارُورَتَانِ، قَالَ: ضَرَبَ اللَّهُ لَهُ مَثَلاً أَنْ لَوْ كَانَ يَنَامُ، لَمْ تَسْتَمْسِكِ السَّمَاءُ والأرض» (?) .
قوله تعالى: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، أي: بالملك فهو مالكُ الجميع، وربُّه، ثم قرَّر، ووَقَفَ تعالى من يتعاطى أنْ يشفع إِلاَّ بإذنه، أي: بأمره.
ص: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ: «مَنْ» : مبتدأ، وهو استفهام معناه النفْيُ ولذا دخلَت «إِلاَّ» في قوله: إِلَّا بِإِذْنِهِ، والخبر «ذَا» ، و «الَّذِي» نعْتٌ ل «ذَا» أو بدل منه، وهذا على أنَّ «ذا» اسمُ إِشارةٍ، وفيه بُعْد لأن الجملة لم تستقلَّ ب «مَنْ» مع «ذَا» ، ولو كان خبراً، لاستقلَّ، ولم يحتجْ إِلى الموصولِ، فالأولى أنَّ «مَنْ» ركّبت مع «ذا» للاستفهام.
انتهى.