البيان الذي عَلّمه الإنسان، فمن ذلك البيان: كونُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ: وهذا ابتداء تعديد نِعَمٍ، قال قتادة «1» : بِحُسْبانٍ: مصدر كالحساب، وقال أبو عبيدةَ معمر بن المثنى والضَّحَّاك «2» : هو جمع حساب، والمعنى: أَنَّ هذين لهما في طلوعهما وغروبهما وقطعهما البروجَ وغيرِ ذلك حساباتٌ شَتَّى، وهذا مذهب ابن عباس وغيرِهِ «3» ، وقال قتادة:
الحسبان «4» : الفلك المستدير، شَبَّهَهُ بحُسْبَان الرَّحَى، وهو العود المستدير الذي باستدارته تستدير المطحنة.
وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (?) وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (?) أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (?) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ (?) وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (10)
فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ (12) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (13)
وقوله سبحانه: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ قال ابن عباس وغيره «5» : النجم: النباتُ الذي لا ساقَ له. قال ع «6» : وسُمِّيَ نَجْماً لأَنَّه نَجَمَ، أي: ظَهَر، وهو مناسب للشجر نسبةً بَيِّنَةً، وقال مجاهد وغيره: النجم: اسم الجنس من نجوم السماء «7» : قال- عليه السلام «8» -: والنسبة التي لها من السَّمَاءِ هي التي للشَّجَرِ من الأرض لأَنَّهُمَا في ظاهرهما، وسُمِّيَ الشَّجَرَ من اشتجار غصونه، وهو تداخُلُها، قال مجاهد «9» : وسجودهما عبارة عن التذلّل والخضوع.