والصَّرَّةُ: الصيحة «1» كذا فسره ابن عباس وجماعة، قال الطبريُّ عن بعضهم «2» : قَالَتْ:

«أَوَّهْ» بِصِيَاحٍ وتَعَجُّبٍ وقال النَّحَّاسُ: فِي صَرَّةٍ في جماعة نسوة.

وقوله: فَصَكَّتْ وَجْهَها: معناه: ضربْت وَجْهَهَا استهوالاً لما سمعت، وقال سفيان وغيره: ضَرَبَتْ بِكَفِّهَا جبهتها «3» ، وهذا مُسْتَعْمَلٌ في الناس حَتَّى الآن، وقولهم:

كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ أي: كقولنا الذي أخبرناك.

وقوله تعالى: حِجارَةً مِنْ طِينٍ بيانٌ يخرج عن مُعْتَادِ حجارة البرَد التي هي من ماء، ويُرْوَى أَنَّه طين طُبِخَ في نار جَهَنَّمَ حَتَّى صار حجارة كالآجر، ومُسَوَّمَةً نعت لحجارة، ثم أخبر تعالى أَنَّه أخرج بأمره مَنْ كان في قرية «لوط» مِنَ المؤمنين، منجياً لهم، وأعاد الضمير على القرية، / وإنْ لم يجرِ لها قبل ذلك ذكر لشهرة أمرها، قال المفسرون:

لاَ فَرْقَ بين تقدُّمِ ذكر المؤمنين وتأخُّرِهِ وإِنَّمَا هما وصفانِ ذَكَرَهُمْ أَوَّلاً بأحدهما، ثم آخراً بالثَّاني، قيل: فالآية دالَّةٌ على أَنَّ الإيمان هو الإسلام، قال ع «4» : ويظهر لي أَنَّ في المعنى زيادة تحسن التقديم للإيمان وذلك أَنَّهُ ذكره مع الإخراج من القرية، كأَنَّهُ يقول:

نفذ أمرنا بإخراج كُلِّ مؤمن، ولا يُشْتَرَطُ فيه أنْ يكون عاملاً بالطاعات بلِ التصديق باللَّه فقط، ثم لما ذكر حال الموجودين ذكرهم بالصفة التي كانوا عليها، وهي الكاملةُ التصديق والأعمالِ، والبيتُ من المسلمين هو بيتُ لوط ع وكان هو وابنتاه، وفي كتاب الثعلبيِّ: وقيل: لوط وأهل بيته ثلاثةَ عَشَرَ، وهلكت امرأتُه فيمن هلك، وهذه القصة ذُكِرَتْ على جهة ضرب المثل لقريش، وتحذيراً أنْ يصيبهم مثلُ ما أصاب هؤلاء.

[سورة الذاريات (51) : الآيات 37 الى 44]

وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ (37) وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41)

ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015