وقوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ... الآية، قيل: إنَّها نزلت في بني إسرائيل الذين تقدَّم ذِكْرُهم الآن، ورُوِيَ أَنَّ قوماً من قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ كانوا يَعِدُونَ المنافقين في أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والخلافِ علَيْهِ بنَصْرٍ ومؤازرةٍ فذلك قولهم: سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وقرأ الجمهور: «أَسْرَارَهُمْ» - بفتح الهمزة-، وقرأ حمزة والكسائيُّ وحفص:
«إسْرَارَهُمْ» - بكسرها «1» -.
وقوله سبحانه: فَكَيْفَ إِذا/ تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَعْنِي: مَلَكَ المَوْتِ وأعوانه، والضمير في يَضْرِبُونَ للملائكة، وفي نحو هذا أحاديثُ تقتضي صفة الحالِ، وما أَسْخَطَ اللَّهَ: هو الكفر، والرِّضْوَانُ: هنا الحَقُّ والشَّرْعُ المُؤَدِّي إلى الرضوان.
وقوله سبحانه: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ... الآية، توبيخٍ للمنافقين وَفَضْحٌ لسرائرهم، والضِّغْنُ: الحقد، وقال البخاريُّ: قال ابن عبّاس: «أضغانهم» حسدهم «2» ، انتهى.
وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (31) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ (32)
وقوله سبحانه: وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ ... الآية، لم يُعَيِّنْهُم سبحانه بالأسماء والتعريف التامّ إبقاءً عليهم وعلى قراباتهم، وإنْ كانوا قد عُرِفُوا بلحن القول، وكانوا في الاشتهار على مراتبَ كابنِ أُبَيٍّ وغيره، والسِّيما: العلامة، وقال ابن عباس والضَّحَّاكُ: إنَّ اللَّه تعالى قد عَرَّفَهُ بهم في سورة براءة بقوله: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً «3»