الحقيقية، واللَّه المستعانُ، ومن كلام الشيخ أبي مَدْيَنَ- رضي اللَّه عنه-: دليلُ تخليطِكَ صُحْبَتُكَ للمخلِّطين، ودليلُ انقطاعك صُحْبَتُكَ لِلمُنْقَطِعِين، وقال ابن عطاء اللَّه في «التنوير» : قَلَّ ما تَصْفُو لَكَ الطَّاعَات، أو تَسْلَمُ/ من المخالَفَات، مع الدخول في الأسباب، لاِستلزامها لمعاشرة الأضداد ومخالطة أَهْلِ الغَفْلة والبِعَاد، وأَكْثَرُ ما يعينك على الطاعات رؤيةُ المُطِيعين، وأَكْثَرُ ما يُدْخِلُكَ في الذّنب رؤية المذنبين، كما قال ع:
«المَرْءُ على دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» (?) والنفس من شأنها التَّشَبُّهُ والمحاكَاةُ بصفَاتِ مَنْ قارَنَهَا، فصحبةُ الغافلين مُعِينَةٌ لها على وجود الغَفْلَةِ، انتهى، وفي «الحِكَمِ الفارقيَّة» : مَنْ ناسب شَيْئاً انجذب إليه وظَهَرَ وَصْفُهُ عليه، وفي «سماع العُتْبِيَّةِ» قال مالك:
لا تصحبْ فاجراً لئلاَّ تتعلمَ من فجوره، قال ابن رُشْدٍ: لا ينبغي أنْ يصحب إلاَّ مَنْ يُقْتَدَى به في دينه وخيره لأَنَّ قرينَ السوء يُرْدِي قال الحكيم: [الطويل]
[إذَا كُنْتَ في قَوْمٍ فَصَاحِبْ خِيَارَهُم ... وَلاَ تَصْحبِ الأردى فتردى مَعَ الرَّدِي]
عَنِ المَرْءِ لاَ تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ ... فَكُلُّ قَرِينٍ بالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي
انتهى.
ت: وحديث: «المَرْءُ على دِينِ خَلِيلهِ» أخرجه أبو داود، وأبو بكر بن الخطيب وغيرهما، وفي «المُوَطَّإ» من حديث معاذ بن جبل، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
قال اللَّه تبارك وتعالى: «وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ والمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ» (?) قال أبو عمر: إسناده صحيحٌ عن أبي إدريس الخولانيِّ عن معاذ، وقد رواه جماعة عن معاذٍ، ثم أسند أبو عُمَر من طريقِ أبي مسلم الخولاني، عن معاذ قال:
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «المُتَحَابُّونَ في اللَّه على مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ في ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ» (?) ، قال أبو مسلم: فخرجت فلقيتُ عبادة بن الصامت، فذكرت له حديث