الأنصار جمعت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم مالاً وساقَتْهُ إليه، فَرَدَّهُ عليهم، وَنَزَلَتِ الآيةُ في ذلك (?) ، وقيلَ غَيْرُ هذا، وعلى كُلِّ قول، فالاستثناء منقطع، وإِلَّا بمعنى «لكن» ويَقْتَرِفْ معناه: يَكْتَسِب، ورَجُلٌ قُرَفَةٌ إذا كان محتالاً كسوبا وغَفُورٌ معناه: ساتر عيوب عباده، وشَكُورٌ معناه: مُجِازٍ على الدقيقة من الخير، لا يضيع عنده لعاملٍ عَمَلٌ.

وقوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً «أم» هذه مقطوعةٌ مضمنة إضراباً عن كلام متقدِّم، وتقريراً على هذه المقالة منهم.

وقوله تعالى: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ معناه في قول قتادة وفرقة من المفسرين: ينسيك/ القرآن (?) ، والمراد الرَّدُّ على مقالة الكُفَّار، وبيانُ إبْطَالِهَا، كأَنَّهُ يقُولُ:

وكيف يَصِحُّ أنْ تكون مفترياً، وأنت من اللَّه بمرأًى ومَسْمَعٍ؟ هو قَادِرٌ لو شاء أَنْ يختم على قلبك فلا تَعْقِلُ، ولا تنطق، ولا يستمرُّ افتراؤك فمقصد اللفظ: هذا المعنى، وحُذِفَ ما يَدُلُّ عليه الظاهر اختصاراً واقتصاراً، وقال مجاهد: المعنى: فإن يشإ اللَّه يختمْ على قلبك بالصبر لأذى الكفار، ويربطْ عليك بالجَلَدِ (?) ، فهذا تأويل لا يتضمَّن الردَّ على مقالتهم قال أبو حَيَّان: وذكر القُشَيْرِيُّ أنَّ الخطاب للكفار، أي: يختم على قلبك أَيُّهَا القائلُ فيكون انتقالاً من الغيبة للخطاب، وَيَمْحُ: استئنافُ إخبارٍ لا داخل في الجواب، وتسقط الواو من اللفظ لالتقاء الساكنين، ومن المصحف حملاً على اللفظ، انتهى.

وقوله تعالى: وَيَمْحُ فعل مستقبل، خبر من اللَّه تعالى أَنَّهُ يمحو الباطل، ولا بُدَّ إمَّا في الدنيا وإمَّا في الآخرة، وهذا بحسب نازلة نازلة، وكتب يَمْحُ في المصحف بحاء مرسلة، كما كتبوا: وَيَدْعُ الْإِنْسانُ [الإسراء: 11] إلى غير ذلك مِمَّا ذهبوا فيه إلى الحذف والاختصار.

وقوله: بِكَلِماتِهِ معناه: بما سبق في قديم علمه وإرادته من كون الأشياء، فالكلمات: المعاني القائمة القديمة التي لا تبديلَ لها، ثم ذكر تعالى النعمة في تَفَضُّلِهِ بقبول التوبة من عباده، وقبول التوبة فيما يستأنف العبد من زمانه وأعماله- مقطوعٌ به بهذه الآية، وأمَّا ما سلف من أعماله فينقسم، فأمَّا التوبة من الكفر فَمَاحِيَةٌ كُلَّ ما تَقَدَّمَها من مظالم العباد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015