قال الشيخ أبو محمَّدِ بْنُ أبي زَيْدٍ في آخر: «مُخْتَصَرِ المُدَوَّنَةِ» له: واعلم أنَّ [الأجساد التي أطاعت أو عصت، هي التي تُبْعَثُ يومَ القيامة لتجازى، والجلودُ التي كانَتْ في الدنيا، والألسنةُ] (?) ، والأيْدِي، والأرجُلُ هي التي تشهد عليهم يوم القيامة على مَنْ تشهَدُ، انتهى.
قال القرطبيُّ في «تذكرته» (?) : واعلم أَنَّ عند أهل السنة أَنَّ تلك الأجسادَ الدُّنْيَوِيَّةَ تُعَادُ بأعيانها وأعراضِهَا بلا خلافٍ بينهم في ذلك، انتهى، ومعنى أَرْداكُمْ: أهلككم، والرَّدَى: الهَلاَكُ وفي صحيحُ «البخاريِّ» و «مسلم» عن جابر قال: سمعت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ قبل وفاته بثلاثٍ: «لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» (?) وذكره ابن أبي الدنيا في «كتابٍ حَسَنِ الظنّ بالله عز وجلّ» ، وزاد فيه: «فَإنَّ قَوْماً قَدْ أَرْدَاهُمْ سُوءُ ظَنِّهِمْ بِاللَّهِ، فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالى: وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ انتهى، ونقله أيضاً صاحب «التذكرة» .
وقوله تعالى: فَإِنْ يَصْبِرُوا مخاطبة للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم والمعنى: فإنْ يصبروا أوْ لا يَصْبِرُوا، واقتصر لدلالة الظاهِرِ على ما ترك.
وقوله تعالى: وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا معناه: وإنْ طَلَبُوا العتبى، وهي الرضَا فما هم مِمَّنْ يُعْطَاها ويَسْتَوْجِبُهَا قال أبو حَيَّان (?) : قراءة الجمهور: «وَإنْ يَسْتَعْتِبُوا» مبنيًّا للفاعل (?) ، و:
مِنَ الْمُعْتَبِينَ مبنيًّا للمفعول، أي: وإِنْ يعتذروا فما هم من المَعْذُورِينَ، انتهى.