قال ع «1» : وإذا كان الفزعُ الأَكْبَرُ لاَ ينالهُم فَهُمْ حَرِيُّونَ أن لا ينالَهم هَذا.
وقرأ حمزة «2» : «وَكُلُّ أَتَوْهُ» على صيغة الفعل الماضي، والدَّاخِرُ: المُتَذَلِّلُ الخاضِعُ، قال ابن عباس وابن زيد: الداخرُ: الصاغرُ، وقد تظاهرَتِ الرواياتُ بأنَّ الاستثناءَ فِي هذِه الآيةِ إنما أريد به الشهداءُ: لأنهم أحياءٌ عند ربهم يُرْزَقُونَ، وهم أهلٌ للفزعِ لأنَّهُمْ بشر لكن فُضِّلُوا بالأمن في ذلك اليوم.
ت: واختار الحليميُّ هذا القولَ قال: - وهو مروي عن ابن عباس-: إن المستَثْنَى هم الشهداء. وضعَّفَ ما عداه من الأقوال، قال القرطبي «3» ، في «تذكرته» : وَقَدْ وَرَدَ في حديث أبي هريرة بِأَنَّهُمُ الشهداء وهو حديث صحيح «4» ، انتهى.
وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ (88) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (89) وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (90)
وقوله تعالى: وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً ... الآية، هذا وصفُ حالِ الأشياءِ يومَ القيامةِ عَقِبَ النَّفْخِ في الصُّورِ، والرؤية: هي بالعَيْن، قال ابن عباس: جامدةً «5» :
قائمةً، والحَسَنَةُ الإيمانُ، وقال ابن عباس وغيره: هي «لا إله إلا الله» «6» ورُوِيَ عَنْ علي بن الحسين أنه قال: كُنْتُ في بعض خَلَواتِي فَرفَعْتُ صَوْتي: ب «لا إله إلا الله» فسمعتُ قائلاً يقول: إنها الكلمةُ التي قال الله فيها: «من جاء بالحسنة فله خير منها» «7» .