وقولُه: أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً معناه بالأَيْمان، والأَعْمال الصالحات «1» .
وكَلَّا زَجْرٌ، وردٌّ، وهذا المعنى لاَزِمٌ ل «كَلاَّ» ، ثم أَخبر سبحانه: أَن قولَ هذا الكافر سَيُكْتب على معنى حفظه عليه، ومعاقبته «2» به، ومدّ العذاب: هو إطالته وتعظيمه.
وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (80) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)
وقوله سبحانه: وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ أَيْ: هذه الأَشياء التي سمّى أنه يُؤْتَاها في الآخرة، يرث اللهُ ماله منها [في الدنيا بإهلاكه، وتَرْكِه لها، فالوراثة «3» مستعارةٌ] «4» .
وقال النحاسُ «5» : نَرِثُهُ مَا يَقُولُ معناه: نحفظه عليه لنعاقبه به ومنه قوله صلى الله عليه وسلّم:
«العُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ» أي: حفظة ما قالوا.
قال ع «6» : فكأَنَّ هذا المجرمُ يورث هذه المقالة.
وقوله: وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا معناه: يجدونهم خِلاَف ما كانوا أمّلُوه في مَعْبُودَاتِهم فَيَؤولُ ذلك بهم إلى ذِلَّة، وضِدِّ ما أملوه من العزّ، وغيره، وهذه صفة عامة.
وتَؤُزُّهُمْ معناهُ: تُقْلِقُهم وتحرِّكُهم إلى الكفر والضلالِ.
قال قتادةُ «7» : تزعِجُهم إزْعاجاً، وقال ابنُ زيد «8» : تُشْلِيهم إشْلاَءً، ومنه، أَزِيزُ القِدر، وهو غَلَيَانُه وحَرَكَتُه ومنه الحديث: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، وهُو يَبْكِي، ولِصَدْرِهِ أَزِيزٌ كأَزِيزِ المرجل» «9» .