هذه السورة مكّيّة إلا ثلاث آيات، قال ابن مسعود: في «بني إسرائيل» ، و «الكهف» :
إنها من العتاق الأول، وهنّ من تلادي، يريد أنّهنّ من قديم كسبه «1» .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (?)
قوله عزَّ وجلَّ: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ: جل العلماء على أن الإسراء كان بشخصه صلّى الله عليه وسلّم، وأنه ركِب البُرَاق من مكَّة، ووصل إِلى بيت المقدس، وصلَّى فيه، وقالتْ عائشة ومعاوية: إِنما أُسْرِي بِرُوحه «2» ، والصحيحُ ما ذهب إليه الجمهورُ، ولو كانتْ منامةً، ما أمكن قريشاً التشنيعُ، ولا فُضِّل أبو بكر بالتصديق، ولا قالَتْ له أمُّ هانىء: لا تحدِّث الناس بهذا، فيكذِّبوك، إِلى غير هذا من الدلائل، وأما قول عائشة فإنها كانت صغيرة، ولا حدثت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وكذلك معاوية.
قال ابن «3» العربيِّ: قوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا قال علماؤنا: لو كان للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم اسم هو أشرَفُ منه، لسماه اللَّه تعالى به في تلك الحَالةِ العَلِيَّة، وقد قال الأستاذ جمال الإِسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هَوَازِنَ: لما رَفَعه اللَّه إِلى حضرته السَّنِيَّةِ وأرقاه فوق الكواكِب العُلْويَّة الزمه اسم العبوديَّة، تواضُعاً وإِجلالاً للألوهية. انتهى من «الأحكام» .
وسُبْحانَ مصدر معناه: تنزيهاً للَّه، وروى طلحة بن عبيد اللَّه الفَيَّاض أحد العَشَرة، أنه قال للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ما معنى سبحان اللَّه؟ قال: تَنْزِيهُ اللَّه من كلّ سوء «4» ، وكان