الخدريّ: كنّا في جنازة مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا أيّها النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى في قُبُورِهَا فإِذَا الإِنْسَانُ دُفِنَ وَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، جَاءَهُ مَلَكٌ بِيَدِهِ مِطْرَاقٌ، فَأَقْعَدَهُ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ في هَذَا الرَّجُلِ ... » الحديثَ، وفيه: فَقَالَ بَعْضُ أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: مَا أَحَدٌ يَقُومُ عَلَى رَأْسِهِ مَلَكٌ بِيَدِهِ مطراق إلّا هبل، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشاءُ (?) انتهى.
قال أبو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ البِرِّ: وُروِّينا من طرق أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قَالَ لِعُمَرَ: كَيْفَ بِكَ يَا عُمَرُ، إِذَا جَاءَكَ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، إِذَا مُتَّ، وانطلق بِكَ قَوْمُكَ، فَقَاسُوا ثَلاَثَةَ أَذْرُعٍ وشِبْراً في ذِرَاعٍ وَشِبْرٍ، ثُمَّ غَسَّلُوكَ، وَكَفَّنُوكَ، وَحَنَّطُوكَ، ثُمَّ احتملوك، فَوَضَعُوكَ فِيهِ، ثُمَّ أَهَالُوا عَلَيْكَ التُّرَابَ، فَإِذَا انصرفوا عَنْكَ أَتَاكَ فَتَّانَا الْقَبْرِ: مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، أَصْواتُهُمَا كَالرَّعْدِ القَاصِفِ، وَأَبْصَارُهُمَا كَالبَرْقِ الخَاطِفِ يَجُرَّانِ شُعُورَهُمَا، مَعَهُمَا مِرْزَبَةٌ، لَوْ اجتمع عَلَيْهَا أَهْلُ الأَرْضِ لَمْ يَقْلِبُوهَا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِن فَرِقْنَا فَحَقٌّ لَنَا أَنْ نَفْرَقَ أَنُبْعَثُ عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: إِذَنْ أَكْفِيَكَهُمَا» ، انتهى (?) ، و «الظالمون» في هذه الآية: الكافرون، وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشاءُ، أي: بحقِّ الملك فلا رادَّ لأَمره، ولا معقِّب لِحُكْمه، وجاءتْ أحاديثٌ صحيحةٌ في مُسَاءلة العبد في قبره، وجماعة السُّنَّة تقولُ: إِنَّ اللَّه سبْحَانه يَخْلُقُ للعَبْدِ في قَبْرِهِ إِدراكاتٍ وتحصيلاً: إِما بحياةٍ كالمتعارفة، وإِما بحضورِ النَّفْس، وإِن لم تتلبَّس بالجَسَدِ كالعُرْف، كلُّ هذا جائزٌ في قُدْرة اللَّه تَبَارَكَ وتعالى غير أنَّ في الأحاديثِ الصَّحيحةِ «أَنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ» ، ومنها: أنه يرى الضوء كَأَنَّ الشمْسَ دَنَتْ للغروب، وفيها أنه يُرَاجَعُ، وفيها: «فَيُعَادُ رُوحُهُ إِلَى جَسَدِهِ» ، وهذا كلُّه يتضمَّن الحياةَ، فسُبْحَانَ مَنْ له هذه القدرة العظيمة، وقوله سبحانه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً: المراد ب الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ: كَفَرَةُ قُريشٍ، وقد خرَّجه البخاريُّ وغيره مسنداً عن ابن عباس (?) انتهى، والتقديرُ: بدَّلوا شُكْرَ نِعْمَةِ اللَّهِ كُفْراً، ونِعْمَةُ اللَّه تعالى في