هُنَالِكَ لاَ أَرْجُو حَيَاةً تَسُرُّنِي ... سَمِيرَ اللَّيَالِي مُبْسَلاً بِالْجَرَائِرِ (?)
وباقي الآية بيِّن.
وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ، أي: وإن تعط كلَّ فدية، وإنْ عظُمت، فتجعلها عِدْلاً لها، لا يُقْبَل منها، وقال أبو عُبَيْدة: وَإِنْ (?) تَعْدِلْ، هو من العَدْلِ المضادِّ للجور وردَّه الطبريُّ (?) بالإجماع على أنَّ توبة الكافر مقبولةً.
قال ع (?) : ولا يلزم هذا الردُّ، لأنَّ الأمر إنما هو يوم القيامة، ولا تقبلُ فيه توبة، ولا عملٌ. قلْتُ: وأجلى من هذا أنْ يحمل كلامُ أبي عُبَيْدة على معنى أنَّه لا يقبلُ منها عدلُها لاختلال شَرْطه، وهو الإيمان، وأُبْسِلُوا: معناه: أُسْلِمُوا بما اجترحوه من الكُفْر، والحميمُ: الماءُ الحارُّ ومنه: الحَمَّام، والحَمَّة.
وقوله سبحانه: قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا، المعنى: قل في احتجاجك: أنطيع رأيكم في أنْ ندعو من دون اللَّه، والدعاءُ: يعم العبادة وغيرها لأن مَنْ جعل شيئاً موضعَ دعائه، فإياه يَعْبُدُ، وعليه يتوكّل، وما لاَ يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا: يعني:
الأصنام، وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا: تشبيهٌ بمَشْيِ القهقرى، وهي المِشْية الدنيَّة فاستعمل المَثَل بها فيمَنْ رجَعَ مِنْ خيرٍ إلى شَرٍّ.
وقوله سبحانه: كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ في الكلام حذفٌ، تقديره: ردًّا كَرَدِّ الذي، واسْتَهْوَتْهُ: بمعنى: استدعت هواه وأمالته، وهَدانَا: بمعنى: أرشَدَنَا، فسياقُ هذا المثل كأنه قال: أيَصْلُحُ أن نكون بعد الهدى نعبد الأصنام فيكون ذلك منَّا ارتدادا على العَقِبِ فنكون كَرَجُلٍ على طريق واضحٍ، فاستهوته عنه الشياطينُ، فخرج عنه إلى دعوتهم، فبقي حائرا.