وقالت فرقة: ومن بلغ الحُلُمَ.
وروي في معنى التأويل الأَوَّلِ أَحَادِيثُ. وظاهر الآية أنها في عَبَدَةِ الأصنام.
وذكر الطبري «1» أنه قد وَرَدَ من وَجْهٍ لم تثبت صحته أنها في قَوْمٍ من اليهود، قالوا:
يا محمد ما تَعْلَمُ مع اللَّه إلهاً غيره، فقال لهم: «لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ وبِذَلِكَ أُمِرْتُ» فنزلت الآية.
واللَّه أعلم.
وأمر اللَّه- سبحانه- نَبِيَّهُ- عليه السلام- أن يعلن بالتَّبَرِّي من شهادة الكفرة، والإعلان بالتوحيد لله- عز وجل- والتبرِّي من إشراكهم.
قال الغزالي في «الإحياء» . وينبغي للتَّالِي أن يقدر أنه المقصود بكل خِطَابٍ في القرآن، فإن سمع أمراً أو نَهْياً قَدَّرَ المَنْهِيُّ، والمأمور، وكذا إن سَمِعَ وَعْداً أو وعيداً، وكذا ما يَقِفُ عليه من القَصَصِ/، فالمقصود به الاعْتِبَارُ. قال تعالى: وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ [هود: 120] .
وقال تعالى: هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران: 138] .
وقال: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ.
قال محمد بن كَعْبٍ القُرظي: من بلغه القرآن فكأنما كَلَّمَهُ الله عز وجل «2» انتهى.
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (22)
وقوله سبحانه: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ.
قال قتادة، وغيره: يعرفون محمداً- عليه السلام- «3» .
وقوله: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ الآية روي أن كل عَبْدٍ له مَنْزِلٌ في الجَنَّةِ، ومنزل في النار، فالمؤمنون يَنْزِلُونَ مَنَازِلَ أهل الكُفْرِ في الجَنَّةِ، والكافرون يَنْزِلُونَ مَنَازِلَ أهل الجنّة