عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (8)
قوله تعالى: وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا [8] قال سهل: يعني إن عدتم إلى المعصية عدنا إلى المغفرة، وإن عدتم إلى الإعراض عنا عدنا إلى الإقبال عليكم، وإن عدتم إلى الفرار منا عدنا إلى أخذ الطرق عليكم، ارجعوا إلينا فإن الطريق علينا.
[سورة الإسراء (17) : آية 11]
وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (11)
قوله: وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ [11] قال سهل: أسلم الدعوات الذكر وترك الاختيار بالسؤال والدعاء، لأن في الذكر الكفاية، وربما يدعو الإنسان ويسأل ما فيه هلاكه وهو لا يشعر، ألا ترى أن الله تعالى يقول: وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ [11] والذاكر على الدوام التارك للاختيار والدعاء والسؤال مبذول له أفضل الرغائب، وساقط عنه آفات السؤال والاختيار، ولذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يقول الله: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين» «1» .
وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (13) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14)
قوله تعالى: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ [13] قال: علمه أي ما كان من خير وشر.
قوله: اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [14] قال: حكي عن الحسن البصري أنه قال: أعد للسؤال جواباً وللجواب صواباً، وإلا فأعد للنار جلباباً. وقال عمر رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر قبل أن تعرضوا «2» . فسئل سهل عن المحاسبة والموازنة، فقال: المحاسبة على وجهين: محاسبة فيما بين العبد وربه، وهو سر، ومحاسبة فيما بينه وبين الخلق وهي علانية، والموازنة إذا استقبلك فرضان أو سنتان أو نافلتان نظرت أيهما أقرب إلى الله وأوزن عنده، فابتدأت به.