تفسير التستري (صفحة 89)

نعمة الله عليهم لعذبهم عليها، وهو غير ظالم. قيل لسهل: أي شيء يفعل الله بعبده إذا أحبه؟

قال: يلهمه الاستغفار عند التقصير، والشكر له عند النعمة، وإنما أرادوا بالنية أن يتعرفوا بها نعم الله تعالى عليهم، فيدوم لهم الشكر ويدوم لهم المزيد. ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ [53] يعني إياه تدعون عند الفقر والبلاء، وربما يكون ذلك نعمة من الله عليكم، إذ لو شاء لابتلاكم بأشد منه، فيصير ذلك عند أشد البلاء نعمة، فيجزعون منه، ولا يصبرون ولا يشكرون. وبلغنا أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام فقال: اصبر على المئونة تأتك مني المعونة «1» .

[سورة النحل (16) : آية 55]

لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55)

قوله تعالى: فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [55] قال: هذا وعد من الله تعالى لكفار مكة على تكذيبهم، مع ما أنعم الله عليهم في الدنيا، أنهم سيعلمون جزاء ذلك في الآخرة، وهذه الآية أيضاً وعيد شديد للغافلين على ما قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من أخذ من الدنيا نهمته حيل بينه وبين نهمته في الآخرة حلالها حساب وحرامها عقاب» «2» ، وإنما يحاسب المؤمنون بما أخذوا من الحلال فضلاً على ما يكفيهم، فأما من أخذ البلغة من الحلال فهو داخل تحت قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس من الدنيا كسرة يسد بها المؤمن جوعته، وثوب يواري به عورته ويؤدي فيه فرضه، وبيت يكنه من حر الشمس وبرد الشتاء» «3» .

[سورة النحل (16) : آية 67]

وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)

قوله: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً [67] قال: هذه الآية نسخت بآية الخمر، كذا قال إبراهيم «4» والشعبي «5» . قال سهل: السكر عندي ما يسكر النفس في الدنيا، ولا تؤمن عاقبته في الآخرة. وقد دخل على سهل أبو حمزة الصوفي «6» فقال: أين كنت يا أبا حمزة؟ قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015