تفسير التستري (صفحة 53)

[سورة النساء (4) : الآيات 85 الى 86]

مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (85) وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (86)

قوله تعالى: وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ، كِفْلٌ مِنْها [85] يعني الحظ منها، لأنها تمنع رضا الله تعالى. قوله: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها [86] يعني زيادة على سلامه الصادر بالنصح لله تعالى. وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «السلام اسم من أسماء الله تعالى أظهره في أرضه، فأفشوه بينكم» «1» .

[سورة النساء (4) : آية 88]

فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (88)

قوله تعالى: وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا [88] يعني أعادهم إلى ما جبلت عليه أنفسهم من الجهل به. وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تستنجوا بعظم ولا روث فإنه ركس» «2» ، يعني رجع من حاله الأول إلى أن صار طعام الجن. أَتُرِيدُونَ [88] معشر المخلصين أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ [88] قال سهل: الإضلال من الله ترك العصمة عما نهى عنه، وترك المعونة على ما أمر به.

[سورة النساء (4) : آية 90]

إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90)

قوله تعالى: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ [90] أي ضاقت قلوبهم عن قتالكم وقتال قومهم، لحبهم السلامة وركونهم إلى العافية، وهم بنو مدرج.

[سورة النساء (4) : آية 105]

إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (105)

قوله: لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ [105] يعني بما علمك الله تعالى من الحكمة في القرآن وشرائع الإسلام.

[سورة النساء (4) : آية 117]

إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطاناً مَرِيداً (117)

قوله تعالى: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً [117] يعني أصواتاً وهو الحجارة والحديد.

[سورة النساء (4) : آية 121]

أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً (121)

قوله عزَّ وجلَّ: وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً [121] يعني معدلا.

[سورة النساء (4) : آية 139]

الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139)

قوله:

أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ [139] يعني المنافقين يبتغون عند اليهود المنعة والقوة، ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام: «ما نزل من السماء شيء أعز من اليقين» «3» أي أمنع وأعظم.

[سورة النساء (4) : الآيات 141 الى 142]

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141) إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142)

قوله: أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ [141] يعني نغلب ونستولي عليكم. قوله: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ

[142] أي يسرع لهم الجزاء على إظهار الإيمان وإضمار الكفر بترك العصمة والتوفيق، وتمديد الأموال والبنين، والإطراق على عاجل الدنيا، وخاتمتهم النار، فهذا هو المراد من قوله: يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ

[142] . قال سهل في قوله تعالى: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ [الصافات: 12] أراد به سرعة مجازاتهم على الإقامة والنفي، فسمى قوله باسم فعلهم. وقد أخبر عنهم بالعجب في مواضع، قال في قوله في قل أوحي: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً [الجن: 1] وفي ق: بَلْ عَجِبُوا [ق: 2] وفي ص: إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ [ص: 5] وقد ذكر في الصافات: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ [الصافات: 12] أي رأيت جزاءهم عظيماً، فسمى تعظيم الثواب عجباً، لأن المتعجب إنما يتعجب من أمر بلغ نهايته، فهذا هو المراد من قوله: بَلْ عَجِبْتَ [الصافات: 12] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015