إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)
قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ [6] قال: الكنود الكفور، وهو الذي خالف العهد وجانب الصدق وألف الهوى، فحينئذ يؤيسه الله من كل بر وتقوى.
وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ [7] يعني الله شهيد على أفعاله وأحواله وأسراره.
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [8] قال: الخير المراد هاهنا ثلاث: حب النفس وحب الدنيا وحب الهوى، فسماها خيراً لتعارف أهلها، وإنما الخير ثلاث: الاستغناء عن الخلق والافتقار إلى الله عزَّ وجلَّ وأداء الأمر. والله سبحانه وتعالى أعلم.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ (2) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (4)
قوله تعالى: الْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ [1- 2] قال: يقرع الله أعداءه بالعذاب.
وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ [3] تعظيم لها ولشدتها وكل شيء في القرآن، وما أدراك فإنه لم يخبر به، كما قال: وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً [الأحزاب: 63] ولم يخبره بها إلا قوله تعالى: وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ [3] ثم أخبره عنها.
قوله تعالى: يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ [4] يعني يجول بعضهم في بعض من هيبة الله عزَّ وجلَّ. وقيل: القرع ثلاث، القرع للأبدان بسهام الموت، وقرع الأعمال بسؤال الله إياهم، وقرع القلوب بخوف القطيعة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3)
قوله تعالى: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ [3] قال سهل: سيعلم من أعرض عني أنه لا يجد مثلي، وأنشد: [من الوافر]
ستذكرني إذا جرَّبتَ غيري ... وتعلم أنني كنت لك كنزا
[سورة التكاثر (102) : آية 5]
كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5)
قوله تعالى: كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ [5] قال: اليقين النار، والإقرار باللسان فتيلة، والعمل زيته، وابتداء اليقين بالمكاشفة، ثم المعاينة، والمشاهدة.
ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)
قوله تعالى: لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ [7] قال: عين اليقين ليس هو من اليقين، لكنه نفس الشيء وكليته. ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [8] قال: لا تأتي على الخلق من الجن والإنس ساعة من ساعات الليل والنهار إلا ولله عليهم فيها حق واجب، عرفه من عرفه، وجهله من جهله فيتثبت أحوالهم يوم القيامة، ثم قرأ: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [8] .
والله سبحانه وتعالى أعلم.