بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (?) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (?)
قوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [1] قال: ألم نوسع لك صدرك بنور الرسالة فجعلناه معدناً للحقائق. قال: وأول الشرح بنور الإسلام كما قال الله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ [الأنعام: 125] ثم قال: يزداد المنازل بعده، فيكون الأنوار على قدر المواهب من البصائر.
وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ [2] قال: يعني أزلنا عنك السكون إلى غيرنا من همة نفس الطبع، فجعلناك ساكناً إلينا قابلاً عنا بنا.
[سورة الشرح (94) : الآيات 4 الى 5]
وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5)
قوله تعالى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ [4] قال: وصلنا اسمك باسمنا في الأذان والتوحيد، فلا يقبل إيمان العبد حتى يؤمن بك.
قوله تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [5] قال: عظم الله تعالى حال الرجاء في هذه الآية بكرمه وخفي لطفه، فذكر اليسر مرتين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «لن يغلب عسر يسرين» «1» ، يعني فطنة القلب والعقل يسران يغلبان نفس الطبع، فيعيدانه إلى الإخلاص، وهو معنى الآية في الباطن، أي فإن مع شدة نفس الطبع في افتقاره إلى ذات الحق عزَّ وجلَّ إلى نفس الروح والعقل وفطنة القلب وهو في الباطن تسكين قلب محمد صلّى الله عليه وسلّم على الإعانة خوفاً، فقال: إنا سلطنا على نفس الطبع الكثيف منك لطائف نفس الروح والعقل والقلب والفهم التي سبقت بالموهبة الجليلة قبل بدوِّ الخلق بألف عام، فغلبت نفس الطبع.
فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7)
فَإِذا فَرَغْتَ [7] من صلاتك المكتوبة وأنت جالس فَانْصَبْ [7] إلى ربك وارجع إليه، كما كنت قبل نفس الطبع، قبل بدوّ الخلق، فرداً بفرد، وسراً بسر، فوهب الله له مثل منزلته السابقة في الدنيا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إن لي مع الله وقتاً لا يسعني غيره» «2» ، هذا باطن الآية، وظاهرها ما عليه الظاهر.