بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (?)
قوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [1] قال: هو تنزيهه عن الأضداد والأنداد في الظاهر، وفي الباطن مشاهدته بالذكر في الصلاة دون مشاهدة غيره.
[سورة الأعلى (87) : آية 3]
وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (3)
قوله تعالى: قَدَّرَ فَهَدى [3] قال: قدر عليهم الشقاوة والسعادة، ثم تولى أهل السعادة، ووكل أهل الشقاوة إلى أنفسهم، قال: والهدى هدايان: أحدهما البيان، والآخر التولي من الله تعالى، ألا ترون كيف يهتدي إلى سبب معاشه إلى ثدي أمه لتولي الله إياه وإلهامه إياه.
[سورة الأعلى (87) : آية 14]
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)
قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى [14] قال: أي فاز وسعد من اتقى الله في السر والعلانية.
[سورة الأعلى (87) : آية 16]
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (16)
قوله تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا [16] قال: ما ينبغي للمؤمن أن يكون في الدنيا إلا كمثل رجل ركب خشبة في البحر، وهو يقول: يا رب يا رب، لعل أن ينجيه منها، وما من عبد مؤمن زهد في الدنيا إلا وكّل الله به ملكاً حكيماً يغرس في قلبه أنواع الحكم، كما يغرس أهل الدنيا في بساتينهم من طرف الأشجار، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (2) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (3)
قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ [2] أي ذليلة، لأن الله تعالى أمرها أن تخشع وتذل وتفتقر إليه في الدنيا، فلم تفعل، فأذلها في الآخرة بالذلة الباقية.
قوله تعالى: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ [3] أي عاملة في الدنيا بأنواع البدع والضلالات، ناصبة في الآخرة بالعذاب في الدركات.
تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5)
تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ [5] أي من عين صديد قد تناهى حرها كما قال: «حميم» أي قد بلغ في الحر منتهاه.
[سورة الغاشية (88) : الآيات 8 الى 9]
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (8) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (9)
قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ [8] أي نعمة وكرامة. لِسَعْيِها راضِيَةٌ [9] في الآخرة.
[سورة الغاشية (88) : الآيات 12 الى 13]
فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (12) فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13)
قوله تعالى: فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ [12] أي مطردة في عين أخدود. فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ [13] يعني الفرش مرفوعة، على كل سرير سبعون فراشاً، كل فراش في ارتفاع غرفة من غرف الدنيا. قال سهل: ذكر الله تعالى هذه النعم ليرغبهم فيها، ويحذرهم عقوبته على قدر سلطانه، وكرامته على قدر عظيم شأنه وسلطانه، فلم ينجع ذلك في قلوب كفار مكة فذكر قدرته كي يعتبروا،
[سورة الغاشية (88) : آية 17]
أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)
فقال تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ [17] وهو في الباطن أمر للمؤمنين بالتذلل والافتقار إليه، فقال: انظروا إلى الإبل كيف خلقت، مع خلقتها وقوتها كيف تنقاد لصبي يقودها فلا يكون لها تحير ولا لها دونها اختيار، فلا تعجز أن تكون لربك كالإبل لصاحبها، ولهذا قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «كن لربك كالجمل الأنف» «1» ، يعني المطاوع، والله سبحانه وتعالى أعلم.