ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (22)
قوله تعالى: ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ [21] قال: باطنها أمات منه حظوظ نفسه من الشهوة، فأقبره في نفسه، ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ [22] قريناً بالحكمة، مشاهداً لله منقطعا عمن سواه.
[سورة عبس (80) : الآيات 25 الى 26]
أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26)
قوله تعالى: أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا [25] قال: صب من لطف معانيه ماء ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ [26] وهو القلب شَقًّا [26] ، فأنبت فيها من ألوان الزهرة روحاً وعقلاً وإيماناً ومعرفة، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا إن القرآن زهرة في القلوب، ألا وإن الإيمان يزرع في القلب الغنى، كما يزرع المطر الزهرات، ألا وإن الشح يزرع في القلب النفاق، كما يزرع الندى العشب» .
يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34)
قوله عزَّ وجلَّ: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ [34] هابيل من قابيل، وسيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم من عمه، وإبراهيم من أبيه، ولوط عليه السلام من امرأته، ونوح من ولده.
[سورة عبس (80) : آية 37]
لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)
لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [37] يشغله عن الناس كافة، إلا عن نفسه. والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال سهل: حكى محمد بن سوار عن ابن عمر رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال:
«من أراد أن ينظر إلى القيامة رأي العين فليقرأ: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [1] ، وإِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ [الانفطار: 1] ، وإِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق: 1] » .
عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ (14)
قوله تعالى: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ [14] أيقنت كل نفس أن ما اجتهدت فيه لا يصلح لذلك المشهد، وأن من أكرم بخلع الفضل نجا، ومن قرن بجزاء أعماله خاب.
قوله تعالى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ [7] قيل: زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين، وزوجت نفوس الكفار بالشياطين، قد قرن بين الكافر والشيطان في سلسلة واحدة. وفي الآية تحذير من قرناء السوء. قال سهل: قرن بين نفس الطبع ونفس الروح، فامتزجا في نعيم الجنة، كما كانا في الدنيا مؤتلفين على إدامة الذكر وإقامة الشكر.
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (27) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)
قوله تعالى: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ [26] عن كتابه بعد البيان الذي أتاكم. إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ [27] قال: ذكر هذا خصوص لمن كان من العالمين عالماً بالذكر منقاداً للشريعة، ألا ترى كيف قال الله تعالى: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ [28] على الطرق إليه بالإيمان به، ولا تصح لكم تلك الاستقامة في الأصل والفرع إلا بمشيئتي السابقة فيكم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.