وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (8) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9)
قوله: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها [7] قال: ظاهرها مكة، وباطنها القلب، ومِنْ حوله الجوارح. فأنذرهم لكي يحفظوا قلوبهم وجوارحهم عن لذة المعاصي واتباع الشهوات.
قوله: وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ [7] ، قال: أي يوم جمع أهل الأرض على ذكره، كجمع أهل السماوات.
قوله: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [7] قال: من غرس الشوك لا يجتني عنباً، فاصنعوا ما شئتم، فإن الطريق اثنان، فأي طريق منهما سلكتموه وردتم على أهله.
قوله: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً [8] قال: ظاهرها الكفر وباطنها حركات العبد وسكونه ولو شاء الله لجعلها كلها في طاعته وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ [8] أي في طاعته وَالظَّالِمُونَ [8] الذين يدعون الحول والقوة مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ [8] على خلاف، وهو السكون في الأمر، والحركة في النهي.
قوله: وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى [9] باطنها قلوب كل أهل الحق يحييها بذكره ومشاهدته، قال: ولا تحيا النفوس حتى تموت.
شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)
قوله: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً [13] فأول من حرم البنات والأمهات والأخوات نوح عليه السلام، فشرع الله لنا محاسن شرائع الأنبياء.
قوله: وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى [13] من إقامة الطاعة لله وإقامة الإخلاص فيها، وإظهار الأخلاق والأحوال.
قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ [20] قال: حرث الآخرة القناعة في الدنيا، والرضا في الآخرة، وحرث الدنيا ما أريد به غيره. قال: ووجه آخر، يعني من عمل لله تعالى إيجاباً لا طلباً للجزاء صغر عنده كل مطلوب دون الحق عزَّ وجلَّ، فلا يطلب الدنيا ولا الجنة، وإنما يطلب النظر إليه، وهو حظ ذهن نفس الروح، وفهم العقل، وفطنة القلب كما خاطبهم، والاقتداء من غير أن كانت النفس الطبيعية حاضرة هناك، غير أن للنفس منها