وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11)
قوله تعالى: إِنِّي لاَ يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ [10، 11] قال: لم يكن في الأنبياء والرسل ظالم، وإنما هذه مخاطبة لهم كناية عن قومهم، كما قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: 65] والمقصود من ذلك أمته، فإنهم إذا سمعوا ما خوطب به النبي صلّى الله عليه وسلّم من التحذير كانوا أشد حذرا.
فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ (19)
قوله تعالى: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ [19] قال: ليس للعبد أن يتكلم إلا بأمر سيده، وأن يبطش إلا بأمره، وأن يمشي إلا بأمره، وأن يأكل وينام ويتفكر إلا بأمره، وذلك أفضل الشكر الذي هو شكر العباد لسيدهم.
قوله تعالى: وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ [19] قال: يعني ارزقني قربة أوليائك، لأكون من جملتهم، وإن لم أصل إلى مقامهم.
[سورة النمل (27) : آية 52]
فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)
قوله تعالى: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا [52] قال: الإشارة في البيوت إلى القلب، فمنها ما هو عامر بالذكر، ومنها ما هو خرب بالغفلة، ومن ألهمه الله عزّ وجلّ بالذكر فقد خلصه من الظلم.
[سورة النمل (27) : آية 59]
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)
قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى [59] قال: أهل القرآن يلحقهم من الله السلام في العاجل بقوله: وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ [59] وسلام في الآجل، وهو قوله: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس: 58] .
[سورة النمل (27) : آية 62]
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (62)
[سورة النمل (27) : الآيات 64 الى 65]
أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (64) قُلْ لاَّ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)
قوله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ [62] قيل: من المضطر؟ قال: الذي إذا رفع يديه لا يرى لنفسه حسنة غير التوحيد، ويكون منه على خطر «1» . وقال مرة أخرى: المضطر هو المتبرئ من الحول والقوة والأسباب المذمومة «2» .