بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (?) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (?)
قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (?) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ [1، 2] قيل: ما الخشوع؟ قال: الخشوع علانية، وهو الوقوف بين يدي الله تعالى على الإقامة على شروط آداب الآمر، وهو تخليص الحركات والسكون عما سواه، وأصل ذلك الخشية في السر، فإذا أعطي الخشية ظهر الخشوع على ظاهره، وهي من شروط الإيمان.
وقد حكي عن الحسن بن علي «1» رضي الله عنه أنه إذا فرغ من وضوئه تغير لونه، فقيل له في ذلك، فقال: يحق على من أراد أن يدخل على ذي العرش أن يتغير لونه. ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال لمعاذ «2» : «يا معاذ: إن المؤمن قد قيده القرآن عن كثير من هوى نفسه، وحال بينه وبين أن يهلك فيما هوي بإذن الله، إن المؤمن لذي الحق أسير. يا معاذ: إن المؤمن يسعى في فكاك رقبته. يا معاذ: إن المؤمن لا تسكن روعته، ولا يؤمن اضطرابه حتى يخلف جسر جهنم.
يا معاذ: إن المؤمن يعلم أن عليه رقباء على سمعه وبصره ولسانه ويده ورجليه وبطنه وفرجه، حتى اللمحة ببصره، وفتات الطينة بإصبعه، وكحل عينه، وجميع سعيه، التقوى رفيقه، والقرآن دليله، والخوف محجته، والشوق مطيته، والوجل شعاره، والصلاة كهفه، والصيام جنته، والصدقة فكاكه، والصدق وزيره، والحياء أميره، وربه من وراء ذلك بالمرصاد. يا معاذ: إني أحب لك ما أحب لنفسي، وأنهيت إليك ما أنهى إلي جبريل صلوات الله عليه، فلا أعرفن أحداً يوافيني يوم القيامة أسعد بما آتاك الله تعالى منك» «3» .