{كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: " يَصْعَدُ "، بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ " يَصَّاعَدُ " بِالْأَلِفِ، أَيْ يَتَصَاعَدُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ {يَصَّعَّدُ} بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَالْعَيْنِ، أَيْ: يَتَصَعَّدُ، يَعْنِي: يَشُقُّ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ كَمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ صُعُودُ السَّمَاءِ، وَأَصْلُ الصُّعُودِ الْمَشَقَّةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا) أَيْ: عَقَبَةً شَاقَّةً، {كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرِّجْسُ هُوَ الشَّيْطَانُ، أَيْ: يُسَلَّطُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ الْمَأْثَمُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الرِّجْسُ مَا لَا خَيْرَ فِيهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: الرِّجْسُ الْعَذَابُ مِثْلُ الرِّجْسِ. وَقِيلَ: هُوَ النَّجَسُ. رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: " [اللَّهُمَّ إِنِّي] (?) أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ +وَالنَّجَسِ" (?) . وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الرِّجْسُ اللَّعْنَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابُ فِي الْآخِرَةِ.
{وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) }
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا} [أَيْ: هَذَا الَّذِي بَيَّنَّا، وَقِيلَ هَذَا الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ طَرِيقُ رَبِّكَ وَدِينُهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ مُسْتَقِيمًا] (?) لَا عِوَجَ فِيهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ. {قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ}
{لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} يَعْنِي: الْجَنَّةَ: قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: السَّلَامُ هُوَ اللَّهُ وَدَارُهُ الْجَنَّةُ، وَقِيلَ: السَّلَامُ هُوَ السَّلَامَةُ، [أَيْ: لَهُمْ دَارُ السَّلَامَةِ] (?) مِنَ الْآفَاتِ، وَهِيَ الْجَنَّةُ. وَسُمِّيَتْ دَارَ السَّلَامِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَهَا سَلِمَ مِنَ الْبَلَايَا وَالرَّزَايَا.