الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَسَمَ. قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ: إِنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?) .
وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ سَفَرَ حَاجَةٍ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ بَعْضَ نِسَائِهِ مَعَ نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ فِيهِ، ثُمَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ لِلْبَاقِيَاتِ مُدَّةَ سِفْرِهِ، وَإِنْ طَالَتْ إِذَا لَمْ يَزِدْ مَقَامُهُ فِي بَلَدِهِ عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثَنَا الرَّبِيعُ، ثَنَا الشَّافِعِيُّ، ثَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبِيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا، أَمَّا إِذَا أَرَادَ سَفَرَ نُقْلَةٍ فَلَيْسَ لَهُ تَخْصِيصُ بَعْضِهِنَّ لَا بِالْقُرْعَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا" (?) .
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132) }
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} عَبِيدًا وَمُلْكًا {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} يَعْنِي: أَهَّلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَسَائِرَ الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي كُتُبِهِمْ، {وَإِيَّاكُمْ} أَهْلَ الْقُرْآنِ فِي كِتَابِكُمْ، {أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} أَيْ: وَحِّدُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، {وَإِنْ تَكْفُرُوا} بِمَا أَوْصَاكُمُ اللَّهُ بِهِ {فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} قِيلَ: فَإِنَّ لِلَّهِ ملائكة في السموات وَالْأَرْضِ هِيَ أَطْوَعُ لَهُ مِنْكُمْ، {وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا} عَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إِلَى طَاعَتِهِمْ، {حَمِيدًا} مَحْمُودًا عَلَى نِعَمِهِ.
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} قَالَ عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي شَهِيدًا أَنَّ فِيهَا عَبِيدًا، وَقِيلَ: دَافِعًا وَمُجِيرًا.
فَإِنْ قِيلَ: فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَكْرَارِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} قِيلَ: لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ: فَمَعْنَاهُ لِلَّهِ ما في السموات وما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ يُوصِيكُمْ بِالتَّقْوَى فَاقْبَلُوا وَصِيَّتَهُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَيَقُولُ: فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا أَيْ: هُوَ الْغَنِيُّ وَلَهُ الْمُلْكُ فَاطْلُبُوا مِنْهُ مَا تَطْلُبُونَ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَيَقُولُ: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} أَيْ: لَهُ الْمُلْكُ فَاتَّخِذُوهُ وَكِيلًا وَلَا تَتَوَكَّلُوا عَلَى غَيْرِهِ.