أَمْ فِي الْمُشْرِكِينَ؟ سُؤَالُ تَوْبِيخٍ وَتَعْيِيرٍ فَاعْتَذَرُوا بِالضَّعْفِ عَنْ مُقَاوَمَةِ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَ {قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ} عَاجِزِينَ، {فِي الْأَرْضِ} يَعْنِي أَرْضَ مَكَّةَ، {قَالُوا} يَعْنِي: الْمَلَائِكَةُ {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} يَعْنِي: إِلَى الْمَدِينَةِ وَتَخْرُجُوا مِنْ مَكَّةَ، مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الشِّرْكِ؟ فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَعْلَمَنَا بِكَذِبِهِمْ، وَقَالَ: {فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ} مَنْزِلَهُمْ {جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} أَيْ: بِئْسَ الْمَصِيرُ إِلَى جَهَنَّمَ.
{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100) }
ثُمَّ اسْتَثْنَى أَهْلَ الْعُذْرِ مِنْهُمْ، فَقَالَ: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً} لَا يَقْدِرُونَ عَلَى حِيلَةٍ وَلَا عَلَى نَفَقَةٍ وَلَا قُوَّةٍ لِلْخُرُوجِ مِنْهَا، {وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} أَيْ: لَا يَعْرِفُونَ طَرِيقًا إِلَى الْخُرُوجِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَعْرِفُونَ طَرِيقَ الْمَدِينَةِ.
{فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} يَتَجَاوَزَ عَنْهُمْ، وَعَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ، لِأَنَّهُ لِلْإِطْمَاعِ، وَاللَّهُ تَعَالَى إِذَا أَطْمَعَ عَبْدًا وَصَلَهُ إِلَيْهِ، {وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ، يَعْنِي الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو لِهَؤُلَاءِ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي الصَّلَاةِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُلَيْحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا مُعَاذُ بْنُ فُضَالَةَ، أَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ قَنَتَ اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدُ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ " (?) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي