26

قُرَيْشٍ فَجَلَدْنَا وَلَائِدَ مِنْ وَلَائِدِ (?) الْإِمَارَةِ خَمْسِينَ فِي الزِّنَا.

وَلَا فَرْقَ فِي حَدِّ الْمَمْلُوكِ بَيْنَ مَنْ تَزَوَّجَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ مِنَ الْمَمَالِيكِ إِذَا زَنَى، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ} وَرَوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ.

وَمَعْنَى الْإِحْصَانُ عِنْدَ الْآخَرِينَ الْإِسْلَامُ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ التَّزْوِيجَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ التَّزْوِيجَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ وَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا بِالتَّزْوِيجِ فَلَا رَجْمَ عَلَيْهِ، إِنَّمَا حَدُّهُ الْجِلْدُ بخلاف الحرّ، 83/أفَحَدُّ الْأَمَةِ ثَابِتٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَبَيَانُ أَنَّهُ بِالْجِلْدِ فِي الْخَبَرِ وَهُوَ مَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُلَيْحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي الْمُقْبُرِيَّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيِّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلاَ يُثَرِّبْ ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ" (?) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ} يَعْنِي: نِكَاحَ الْأَمَةِ عِنْدَ عَدَمِ الطَّوْلِ، {لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} يَعْنِي: الزِّنَا، يُرِيدُ الْمَشَقَّةَ لِغَلَبَةِ الشَّهْوَةِ، {وَإِنْ تَصْبِرُوا} عَنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ مُتَعَفِّفِينَ، {خَيْرٌ لَكُمْ} لِئَلَّا يُخْلَقُ الْوَلَدُ رَقِيقًا {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) }

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} أَيْ: أَنْ يُبَيِّنَ لَكُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ" (الشُّورَى -15) أَيْ: أَنَّ أَعْدَلَ، وَقَوْلُهُ: "وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ" (الْأَنْعَامِ -71) ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ "وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ" (غَافِرٍ -66) .

وَمَعْنَى الْآيَةِ: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُبَيِّنَ لَكُمْ، أَيْ: يُوَضِّحَ لَكُمْ شَرَائِعَ دِينِكُمْ وَمَصَالِحَ أُمُورِكُمْ، قَالَ عَطَاءٌ: يُبَيِّنُ لَكُمْ مَا يُقَرِّبُكُمْ مِنْهُ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: يُبَيِّنُ لَكُمْ أَنَّ الصَّبْرَ عَنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ خَيْرٌ لَكُمْ، {وَيَهْدِيَكُمْ} وَيُرْشِدَكُمْ، {سُنَنَ} شَرَائِعَ، {الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} فِي تَحْرِيمِ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ، فَإِنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ قَبِلَكُمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015