سُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا [حَلَالٌ لِصَاحِبِهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا] (?) يَحِلُّ حَيْثُ يَحِلُّ صَاحِبُهُ مِنَ الْحُلُولِ وَهُوَ النُّزُولُ، وَقِيلَ: إِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحِلُّ إِزَارَ صَاحِبِهِ مِنَ الْحَلِّ وَهُوَ ضِدُّ الْعَقْلِ.

وَجُمْلَتُهُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حَلَائِلُ أَبْنَائِهِ وَأَبْنَاءِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا مِنَ الرِّضَاعِ وَالنَّسَبِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا قَالَ "مِنْ أَصْلَابِكُمْ" لِيُعْلِمَ أَنَّ حَلِيلَةَ الْمُتَبَنَّى لَا تَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ الَّذِي تَبَنَّاهُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَكَانَ زَيْدٌ تَبَنَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَالرَّابِعُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ بِالصِّهْرِيَّةِ: حَلِيلَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِنْ عَلَا فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ مِنَ الرِّضَاعِ أَوْ مِنَ النَّسَبِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ.

وَكُلُّ امْرَأَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْكَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ تَحْرُمُ بِالْوَطْءِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ، وَالْوَطْءُ بِشُبْهَةِ النِّكَاحِ، حَتَّى لَوْ وطئ امرأة 82/أبِالشُّبْهَةِ أَوْ جَارِيَةً بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَتَحْرُمُ عَلَى الْوَاطِئِ أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ وَابْنَتُهَا وَتَحْرُمُ الْمَوْطُوءَةُ عَلَى أَبِ الْوَاطِئِ وَعَلَى ابْنِهِ.

وَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ: فَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ عَلَى الزَّانِي أُمُّ الْمَزْنِي بِهَا وَابْنَتُهَا، وَتَحْرُمُ الزَّانِيَةُ عَلَى أَبِ الزَّانِي وَابْنِهِ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ وَالزُّهْرِيُّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيٌّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى التَّحْرِيمِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالْحَسَنُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.

وَلَوْ لَمَسَ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ أَوْ قَبَّلَهَا، فَهَلْ يُجْعَلُ ذَلِكَ كَالدُّخُولِ فِي إِثْبَاتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ؟ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمَسَ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ فَهَلْ يُجْعَلُ كَالْوَطْءِ فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، أَصَحُّهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّهُ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَالثَّانِي: لَا تَثْبُتُ كَمَا لَا تَثْبُتُ بِالنَّظَرِ بِالشَّهْوَةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي النِّكَاحِ سَوَاءٌ كَانَتِ الْأُخُوَّةُ بَيْنَهُمَا بِالنَّسَبِ أَوْ بِالرِّضَاعِ، فَإِذَا نَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا جَازَ لَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ، فَإِذَا وَطِئَ إِحْدَاهُمَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى عَلَى نَفْسِهِ.

وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا، لِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015