الْبَصْرَةِ، فَإِذَا الْأَعْمَشُ قَائِمٌ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ، فَمَرَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ثُمَّ قَالَ الْأَعْمَشُ: وَأَنَا أَشْهَدُ بِمَا شَهِدَ اللَّهُ بِهِ وَأَسْتَوْدِعُ اللَّهَ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَهِيَ لِي عِنْدَ اللَّهِ وَدِيعَةٌ {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} قَالَهَا مِرَارًا قُلْتُ لَقَدْ سَمِعَ فِيهَا شَيْئًا، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ وَوَدَّعْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ آيَةً تُرَدِّدُهَا فَمَا بَلَغَكَ فِيهَا؟ [قَالَ لِي: أَوَمَا بَلَغَكَ مَا فِيهَا؟ قُلْتُ: أَنَا عِنْدَكَ مُنْذُ سَنَتَيْنِ لَمْ تُحَدِّثْنِي] (?) قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُحَدِّثُكَ بِهَا إِلَى سَنَةٍ، فَكَتَبْتُ عَلَى بَابِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَأَقَمْتُ سَنَةً، فَلَمَّا مَضَتِ السَّنَةُ قُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَدْ مَضَتِ السَّنَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يُجَاءُ بِصَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ: إِنَّ لِعَبْدِي هَذَا عِنْدِي عَهْدًا، وَأَنَا أَحَقُّ مَنْ وَفَّى بِالْعَهْدِ، أَدْخِلُوا عَبْدِيَ الْجَنَّةَ" (?) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ َ} قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى حِينَ تَرَكُوا الْإِسْلَامَ أَيْ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ فِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ، يَعْنِي بَيَانَ نَعْتِهِ فِي كُتُبِهِمْ، وَقَالَ الرَّبِيعُ: إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ أَحْبَارِ بَنِي إسرائيل فاستودعهم 55/أالتَّوْرَاةَ وَاسْتَخْلَفَ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ، فَلَمَّا مَضَى الْقَرْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمْ وَهُمُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ أَبْنَاءِ أُولَئِكَ السَّبْعِينَ حَتَّى أَهْرَقُوا بَيْنَهُمُ الدِّمَاءَ، وَوَقَعَ الشَّرُّ وَالِاخْتِلَافُ، وَذَلِكَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ يَعْنِي بَيَانَ مَا فِي التَّوْرَاةِ {بَغْيًا بَيْنَهُمْ} أَيْ طَلَبًا لِلْمُلْكِ وَالرِّيَاسَةِ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَبَابِرَةَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ: نَزَلَتْ فِي نَصَارَى نَجْرَانَ وَمَعْنَاهَا {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} يَعْنِي الْإِنْجِيلَ فِي أَمْرِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفَرَّقُوا الْقَوْلَ فِيهِ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {بَغْيًا بَيْنَهُمْ} أَيْ لِلْمُعَادَاةِ وَالْمُخَالَفَةِ {وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}