يُسْرًا، أَيْ: إِنْ مَعَ الْعُسْرِ فِي الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِ يُسْرًا فِي الْآخِرَةِ، فَرُبَّمَا اجْتَمَعَ لَهُ الْيُسْرَانِ يُسْرُ الدُّنْيَا وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى وَيُسْرُ الْآخِرَةِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ، فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ" أَيْ: لَنْ يَغْلِبَ عُسْرُ، الدُّنْيَا الْيُسْرَ الَّذِي وَعَدَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْيُسْرَ الَّذِي وَعَدَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَإِنَّمَا يَغْلِبُ أَحَدُهُمَا، هُوَ يُسْرُ الدُّنْيَا، وَأَمَّا يُسْرُ الْآخِرَةِ فَدَائِمٌ غَيْرُ زَائِلٍ، أَيْ لَا يَجْمَعُهُمَا فِي الْغَلَبَةِ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ" (?) أَيْ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النُّقْصَانِ.
{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) }
{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} أَيْ فَاتْعَبْ، وَالنَّصَبُ: التَّعَبُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَمُقَاتِلٌ، وَالْكَلْبِيُّ: فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَانْصَبْ إِلَى رَبِّكَ فِي الدُّعَاءِ وَارْغَبْ إِلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ يُعْطِكَ (?) .
[وَرَوَى عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ فَاجْتَهِدْ فِي الدُّعَاءِ وَالْمَسْأَلَةِ] (?) .
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْفَرَائِضِ فَانْصَبْ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ (?) .
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا فَرَغْتَ مِنَ التَّشَهُّدِ فَادْعُ، لِدُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ جِهَادِ عَدُوِّكَ فَانْصَبْ فِي عِبَادَةِ رَبِّكَ (?) .
وَقَالَ مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَانْصَبْ فِي عِبَادَةِ رَبِّكَ وَصَلِّ (?) .
وَقَالَ حَيَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ فَانْصَبْ، أَيِ: اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ.