16

{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19) }

{بَلْ تُؤْثِرُونَ} قرأ أبو عمرو، وَيَعْقُوبُ: [يُؤْثِرُونَ] (?) بِالْيَاءِ، يَعْنِي: الْأَشْقَيْنَ الَّذِينَ ذُكِرُوا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ، دَلِيلُهُ: قِرَاءَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ "بَلْ أَنْتُمْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا" [وَالْمُرَادُ بِـ"الْأَشْقَى" الْجَمْعُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ، لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا دَخَلَهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْجِنْسِ صَارَ مُسْتَغْرِقًا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَيَتَجَنَّبُهُ الْأَشْقَوْنَ، ثُمَّ قَالَ: "بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا"] (?)

{وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} قَالَ عَرْفَجَةُ الْأَشْجَعِيُّ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ، فَقَالَ لَنَا: أَتَدْرُونَ لِمَ آثَرْنَا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ؟ قُلْنَا: لَا قَالَ: لِأَنَّ الدُّنْيَا أُحْضِرَتْ، وَعُجِّلَ لَنَا طَعَامُهَا وَشَرَابُهَا وَنِسَاؤُهَا وَلَذَّاتُهَا وَبَهْجَتُهَا، وَأَنَّ الْآخِرَةَ نُعِتَتْ لَنَا، وَزُوِيَتْ عَنَّا فَأَحْبَبْنَا الْعَاجِلَ وَتَرَكْنَا الْآجِلَ (?) .

{إِنَّ هَذَا} يَعْنِي مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى" [إِلَى تَمَامِ] (?) أَرْبَعِ آيَاتٍ، {لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى} أَيْ فِي الْكُتُبِ الْأُولَى الَّتِي أُنْزِلَتْ قَبْلَ الْقُرْآنِ، ذَكَرَ فِيهَا فَلَاحَ الْمُتَزَكِّي وَالْمُصَلِّي، وَإِيثَارَ الْخَلْقِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ خَيْرٌ وَأَبْقَى.

ثُمَّ بَيَّنَ الصُّحُفَ فَقَالَ: {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} قَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ: هَذِهِ السُّورَةُ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى.

أخبرنا الإمام أبو علي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ أَخْبَرَنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015