سُورَةُ الطَّارِقِ مَكِّيَّةٌ (?) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (?) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (?) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (?) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) }
{وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتْحَفَهُ بِخُبْزٍ وَلَبَنٍ، فَبَيْنَمَا هُوَ جالس يأكل إذا انْحَطَّ نَجْمٌ فَامْتَلَأَ مَاءً ثُمَّ نَارًا، فَفَزِعَ أَبُو طَالِبٍ وَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا نَجْمٌ رُمِيَ بِهِ، وَهُوَ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَعَجِبَ أَبُو طَالِبٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ" (?) وَهَذَا قَسَمٌ، وَ"الطَّارِقُ" النَّجْمُ يَظْهَرُ بِاللَّيْلِ، وَمَا أَتَاكَ لَيْلًا فَهُوَ طَارِقٌ.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ} ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} أَيِ الْمُضِيءُ الْمُنِيرُ، قَالَ مُجَاهِدٌ: الْمُتَوَهِّجُ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَرَادَ بِهِ الثُّرَيَّا، وَالْعَرَبُ تُسَمِّيهِ النَّجْمُ. وَقِيلَ: هُوَ زُحَلُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِارْتِفَاعِهِ، تَقُولُ الْعَرَبُ لِلطَّائِرِ إِذَا لَحِقَ بِبَطْنِ السَّمَاءِ ارْتِفَاعًا: قَدْ ثَقَبَ.
{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ} جَوَابُ الْقَسَمِ {لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَعَاصِمٌ، وَحَمْزَةُ: "لَمَّا" بِالتَّشْدِيدِ، يَعْنُونَ: مَا كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ، وَهِيَ لُغَةُ هُذَيْلٍ يَجْعَلُونَ "لَمَّا" بِمَعْنَى "إِلَّا" يَقُولُونَ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ لَمَّا قُمْتَ، أَيْ إِلَّا قُمْتَ.
وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ، جَعَلُوا "مَا" صِلَةً، مَجَازُهُ: إِنَّ كُلَّ نَفْسٍ لَعَلَيْهَا حَافِظٌ [مِنْ رَبِّهَا] (?)