16

قَالَ الْحَسَنُ: لَوْ عَلِمَ الزَّاهِدُونَ الْعَابِدُونَ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ فِي الْمَعَادِ لَزَهَقَتْ أَنْفُسُهُمْ فِي الدُّنْيَا.

قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: كَمَا حَجَبَهُمْ فِي الدُّنْيَا عَنْ تَوْحِيدِهِ حَجَبَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَنْ رُؤْيَتِهِ.

وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: لَمَّا حَجَبَ [اللَّهُ] (?) أَعْدَاءَهُ فَلَمْ يَرَوْهُ تَجَلَّى لِأَوْلِيَائِهِ حَتَّى رَأَوْهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي قَوْلِهِ: "كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ" دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ يَرَوْنَ اللَّهَ (?) .

{ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17) كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) }

ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الْكُفَّارَ مَعَ كَوْنِهِمْ مَحْجُوبِينَ عَنِ اللَّهِ يَدْخُلُونَ النَّارَ فَقَالَ: {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ} لَدَاخِلُو النَّارِ.

{ثُمَّ يُقَالُ} أَيْ تَقُولُ لَهُمُ الْخَزَنَةُ {هَذَا} أَيْ هَذَا الْعَذَابُ {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}

{كَلَّا} قَالَ مُقَاتِلٌ: لَا يُؤْمِنُ بِالْعَذَابِ الَّذِي يَصْلَاهُ. ثُمَّ بَيَّنَ مَحَلَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ فَقَالَ: {إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} رُوِّينَا عَنِ الْبَرَاءِ مَرْفُوعًا: "إِنَّ عِلِّيِّينَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ تَحْتَ الْعَرْشِ" (?) .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ لَوْحٌ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ مُعَلَّقٌ تَحْتَ الْعَرْشِ أَعْمَالُهُمْ مَكْتُوبَةٌ فِيهِ.

وَقَالَ كَعْبٌ وَقَتَادَةُ: هُوَ قَائِمَةُ الْعَرْشِ الْيُمْنَى.

وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الْجَنَّةُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى.

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعَانِي: عُلُوٌّ بَعْدَ عُلُوٍّ وَشَرَفٌ بَعْدَ شَرَفٍ، وَلِذَلِكَ جُمِعَتْ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ اسْمٌ مَوْضُوعٌ عَلَى صِيغَةِ الْجَمْعِ، لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، مِثْلُ عِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015