8

وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ رُدَّتِ الْأَرْوَاحُ فِي الْأَجْسَادِ (?) .

{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) }

{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} وَهِيَ الْجَارِيَةُ الْمَدْفُونَةُ حَيَّةً، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا يُطْرَحُ عَلَيْهَا من التراب فيؤدها، أَيْ يُثْقِلُهَا حَتَّى تَمُوتَ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَدْفِنُ الْبَنَاتَ حَيَّةً مَخَافَةَ الْعَارِ وَالْحَاجَةِ، يُقَالُ: [أَوَدُ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ مِنْ حَيْثُ البناء لأن الموؤدة مِنَ الْوَأْدِ لَا مِنَ الْأَوْدِ يُقَالُ] (?) وَأَدَ يَئِدُ وَأْدًا، فَهُوَ وائد، والمفعول مؤود.

رَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا حَمَلَتْ وَكَانَ أَوَانُ وِلَادَتِهَا حَفَرَتْ حُفْرَةً فَتَمَخَّضَتْ عَلَى رَأْسِ الْحُفْرَةِ، فَإِنْ وَلَدَتْ جَارِيَةً رَمَتْ بِهَا فِي الْحُفْرَةِ، وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا حَبَسَتْهُ (?) . {بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} قَرَأَ الْعَامَّةُ عَلَى الْفِعْلِ الْمَجْهُولِ فِيهِمَا، وَأَبُو جَعْفَرٍ يَقْرَأُ: "قُتِّلَتْ" بِالتَّشْدِيدِ ومعناه تُسْأل المؤودة، فَيُقَالُ لَهَا: بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِّلَتْ؟ وَمَعْنَى سُؤَالِهَا تَوْبِيخُ قَاتِلِهَا، لِأَنَّهَا تَقُولُ: قُتِلْتُ بِغَيْرِ ذَنْبٍ.

وَرُوِيَ أَنَّ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ كان يقرأ: "وإذ المؤودة سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ" وَمِثْلُهُ قَرَأَ أَبُو الضُّحَى. {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَعَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ: "نُشِرَتْ" بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّشْدِيدِ، كَقَوْلِهِ: "يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً" (الْمُدَّثِّرِ-52) يَعْنِي صَحَائِفَ الْأَعْمَالِ تُنْتَشَرُ لِلْحِسَابِ. {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ} قَالَ الْفَرَّاءُ: نُزِعَتْ فَطُوِيَتْ (?) . وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قُلِعَتْ كَمَا يُقْلَعُ السَّقْفُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: تَكْشِفُ عَمَّنْ فِيهَا. وَمَعْنَى "الْكَشْطِ" رَفْعُكَ شَيْئًا عَنْ شَيْءٍ قَدْ غَطَّاهُ، كَمَا يُكْشَطُ الْجِلْدُ عَنِ السَّنَامِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015