لَهُمْ فَضْلٌ مِنَ الطَّعَامِ؟ ثُمَّ قَامَ مَعَ أَبِي جَهْلٍ حَتَّى أَتَى مَجْلِسَ قَوْمِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: تَزْعُمُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ، فَهَلْ رَأَيْتُمُوهُ يُخْنَقُ قَطُّ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا قَالَ: تَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَاهِنٌ فَهَلْ رَأَيْتُمُوهُ قَطُّ تَكَهَّنَ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا قَالَ: تَزْعُمُونَ أَنَّهُ شَاعِرٌ فَهَلْ رَأَيْتُمُوهُ يَنْطِقُ بِشِعْرٍ قَطُّ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا قَالَ: تَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَذَّابٌ فَهَلْ جَرَّبْتُمْ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْكَذِبِ؟ قَالُوا: لَا -وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمَّى الْأَمِينُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، مِنْ صِدْقِهِ -فَقَالَتْ قُرَيْشٌ لِلْوَلِيدِ: فَمَا هُوَ؟ فَتَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا سَاحِرٌ، أَمَا رَأَيْتُمُوهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَأَهْلِهِ وَمَوَالِيهِ وَوَلَدِهِ؟ فَهُوَ سَاحِرٌ وَمَا يَقُولُهُ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (?) فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّهُ فَكَّرَ} فِي مُحَمَّدٍ وَالْقُرْآنِ {وَقَدَّرَ} فِي نَفْسِهِ مَاذَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ فِي مُحَمَّدٍ وَالْقُرْآنِ.
{فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) }
{فَقُتِلَ} لَعْنٌ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: عُذِّبَ، {كَيْفَ قَدَّرَ} عَلَى طَرِيقِ التَّعَجُّبِ وَالْإِنْكَارِ وَالتَّوْبِيخِ. {ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} كَرَّرَهُ لِلتَّأْكِيدِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لُعِنَ عَلَى أَيِ حَالٍ قَدَّرَ مِنَ الْكَلَامِ، كَمَا يُقَالُ لَأَضْرِبَنَّهُ كَيْفَ صَنَعَ أَيْ عَلَى أَيِّ حَالٍ صَنَعَ. {ثُمَّ نَظَرَ} فِي طَلَبِ مَا يَدْفَعُ بِهِ الْقُرْآنَ وَيَرُدَّهُ. {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} كَلَحَ وَقَطَّبَ وَجْهَهُ وَنَظَرَ بِكَرَاهِيَةٍ شَدِيدَةٍ كَالْمُهْتَمِّ الْمُتَفَكِّرِ فِي شَيْءٍ. {ثُمَّ أَدْبَرَ} عَنِ الْإِيمَانِ {وَاسْتَكْبَرَ} تَكَبَّرَ حِينَ دُعِيَ إِلَيْهِ. {فَقَالَ إِنْ هَذَا} مَا هَذَا الَّذِي يَقْرَؤُهُ مُحَمَّدٌ {إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} يُرْوَى وَيُحْكَى عَنِ السَّحَرَةِ. {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} يَعْنِي يَسَارًا وَجَبْرًا فَهُوَ يَأْثُرُهُ عَنْهُمَا. وَقِيلَ: يَرْوِيهِ عَنْ مُسَيْلِمَةَ صَاحِبِ الْيَمَامَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {سَأُصْلِيهِ} سَأُدْخِلُهُ {سَقَرَ} وَسَقَرُ اسْمٌ من أسماء جنهم.