{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) }
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ} إِلَى الْإِيمَانِ بِكَ {لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} لِئَلَّا يَسْمَعُوا دَعْوَتِي {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ} غَطَّوْا بِهَا وُجُوهَهُمْ لِئَلَّا يَرَوْنِي {وَأَصَرُّوا} عَلَى كُفْرِهِمْ {وَاسْتَكْبَرُوا} عَنِ الْإِيمَانِ بِكَ {اسْتِكْبَارًا} {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا} مُعْلِنًا بِالدُّعَاءِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِأَعْلَى صَوْتِي. {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ} كَرَّرْتُ الدُّعَاءَ مُعْلِنًا {وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ أُكَلِّمُهُ سِرًا بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَدْعُوهُ إِلَى عِبَادَتِكَ وَتَوْحِيدِكَ. {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} وَذَلِكَ أَنْ قَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوهُ زَمَانًا طَوِيلًا حَبَسَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْمَطَرَ وَأَعَقَمَ أَرْحَامَ نِسَائِهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَهَلَكَتْ أَمْوَالُهُمْ وَمَوَاشِيهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ نُوحٌ: اسْتَغْفَرُوا رَبَّكُمْ مِنَ الشِّرْكِ، أَيِ اسْتَدْعَوْا الْمَغْفِرَةَ بِالتَّوْحِيدِ، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا.
وَرَوَى مُطَرِّفٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمْرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ خَرَجَ يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ حَتَّى رَجَعَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا سَمِعْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ؟ فَقَالَ. طَلَبْتُ الْغَيْثَ [بِمَجَادِيحِ] (?) السَّمَاءِ الَّتِي يُسْتَنْزَلُ بِهَا الْمَطَرُ، ثُمَّ قَرَأَ: "اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا" (?) .