{أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) }
{أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ} عُهُودٌ وَمَوَاثِيقٌ {عَلَيْنَا بَالِغَةٌ} مُؤَكَّدَةٌ عَاهَدْنَاكُمْ عَلَيْهَا فَاسْتَوْثَقْتُمْ بِهَا مِنَّا فَلَا يَنْقَطِعُ عَهْدُكُمْ {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ} فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ {لَمَا تَحْكُمُونَ} لِأَنْفُسِكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْكَرَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ. وَكَسَرَ "إِنَّ" فِي الْآيَتَيْنِ لِدُخُولِ اللَّامِ فِي خَبَرِهِمَا. ثُمَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
{سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} كَفِيلٌ لَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مَا لِلْمُسْلِمِينَ؟
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ} أَيْ عِنْدَهُمْ شُرَكَاءُ لِلَّهِ أَرْبَابٌ تَفْعَلُ هَذَا. وَقِيلَ: شُهَدَاءُ يَشْهَدُونَ لَهُمْ بِصِدْقِ مَا يَدَّعُونَهُ. {فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قِيلَ: "يَوْمَ" ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ، أَيْ: فَلْيَأْتُوا بِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِتَنْفَعَهُمْ وَتَشْفَعَ لَهُمْ "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ" قِيلَ: عَنْ أَمْرٍ فَظِيعٍ شَدِيدٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ أَشَدُّ سَاعَةٍ فِي الْقِيَامَةِ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ" عَنْ شِدَّةِ الْأَمْرِ.
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: تَقُولُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ إِذَا وَقَعَ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْجِدِّ وَمُقَاسَاةِ الشِّدَّةِ: شَمَّرَ عَنْ سَاقِهِ (?) وَيُقَالُ: إِذَا اشْتَدَّ الْأَمْرُ فِي الْحَرْبِ: كَشَفَتِ الْحَرْبُ عَنْ سَاقٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبَدِ الْقَاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ [سُفْيَانَ] (?) حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنِي سُوِيدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ، حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أُنَاسًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَ مَعَهَا سَحَابٌ؟ وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ صَحْوًا لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: مَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ لِتَتْبَعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَغَيرُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَتُدْعَى الْيَهُودُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ